وفي حديث علي عليه السلام في صفة الصحابة : «يدخلون روّاداً ويخرجون أدلّة» أي يدخلون طالبين للعلم ملتمسين للحلم من عنده ، ويخرجون أدلّة هداة للناس (١).
وفي الحديث : «الحمى رائد الموت» أي رسول الموت الذي يتقدّمه ، كالرائد الذي يبعث ليرتاد منزلاً ويتقدّم قومه.
ومن أمثالهم : الرائد لا يكذب أهله ، يضرب مثلاً للذي لا يكذب إذا حدّث ، وإنّما قيل له ذلك ، لأنّه إن لم يصدّقهم فقد غرّر بهم (٢).
وقيل : الرائد : هو الذي يقدّمه أصحابه ليهيّىء لهم مكاناً صالحاً لنزولهم فيه ، وكافياً لما يحتاجون إليه ، أي أنّهم ينفعون بما يسمعون من النبيّ صلى الله عليه واله من ورائهم كما ينفع الرائد من خلفه.
قوله عليه السلام : «ولا يفترقون إلّا عن ذواق» الذوق مصدر ، ذاق الشيء يذوقه ذوقاً وذواقاً مذاقاً ، فالذواق والمذاق يكونان مصدرين ، ويكونان طعماً ، والمعنى إنّه عليه السلام ضرب الذواق مثلاً لما ينالون عنده من الخير والعلم والأدب ، ويذقون من حلاوتها ولا يتفرقون إلّا عن ذلك حتّى يقوم لأنفسهم ما يذاق من الطعام والشراب لأجسادهم ، فلا يفترق القادمون عليه صلى الله عليه واله عنه إلّا بعد إذاقته صلى الله عليه واله إيّاهم شيئاً من مكارم الأخلاق ومعالي الأخلاق.
قوله عليه السلام : «يخرجون أدلّة يعني فقهاء» الأدّلة : جميع دليل ، أي كان أصحابه صلى الله عليه واله يدخلون عليه للخصب متفقّدين لما يتمتّعون به في الدين والدنيا ، فيخرجون من عنده بالفوز والنجاح ، وهم هداة للناس على اُمور دينهم ودنياهم ويدلّون قومهم إلى المرتع الخصبة والمناهل العذبة.
__________________
١ ـ لسان العرب : ج ٣ ، ص ١٨٧.
٢ ـ لسان العرب : ج ٣ ، ص ١٨٧.