أي كان ، ما كان من علم ، أو أثرة منه آثركم الله به فائتوني .. إن كنتم صادقين : أنّ لما تدعون شرك في الأرض أو السماوات (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) «من خلقهم» (لَيَقُولُنَّ اللهُ) : (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)(١)
وهذه الادلة المطلوبة لإثبات ما يزعمون ، بدء من الحسية وختاما لأثارة من علم ، يتوسطها كتاب من الله الشامل لكل دليل ، إنها فقط هي التي يمكن الحجاج بها لاثبات ما يرام ، وإذ لا يجدون منها أثرا او أثارة فأنّى يؤفكون!.
«كتاب او اثارة من علم»؟ :
هنا الثقلان : الكتاب ـ والسنة : العترة ـ يحصر ان الادلة في أنفسهما : كتاب وحي ، او اثارة من علم منه ، والأثارة كما سبق هي البقية من علم ، التي عليها اثر العلم ، بقية ذات علامة تروى وتؤثر عن مصدر العلم : الكتاب ، فانما هو الكتاب ، المحور الأوّل والأخير لاثبات الحق المرام ، إذ يجمع ادلة الحس والعقل والعلم بوحي خالص يخطّئ اخطاءها : ويزيد في أضوائها ، ويزودها بعلم الله الذي لا نقص فيه ولا خطأ.
لذلك ان الادلة الحسية المسبقة قبل الكتاب لا تتكرر هنا ، لأنها مطوية في الكتاب. وما أحسنه وأجمله تفسيرا لأثارة من علم ما يروى عن الرسول (ص) انه ، «حسن خط»(٢) وما الخط الا تعبيرا عن الواقع ، وما حسنه وجماله الا فيما يحمل من معنى قبل زبره وصورته ، وانه فقط حملة علامة العلم الكتاب وأثره ، مهما لم يصل الى درجة العلم.
فالعلم المستفاد من كتاب الوحي هو الأساس ، ثم أثارة منه ، تحمل علامة
__________________
(١) (٣١ : ٢٥ و ٤٣ : ٨٧ و ٤٣ : ٩ و ٤٣ : ٨٧).
(٢) الدر المنثور ٦ : ٣٨ ـ اخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي في الاثارة.