وأيا كان سجيل المجرمين ، فليكن أصلب حجر وأقواه وأشده إيقاعا وكما في قصة أبابيل ، المرسلة على أصحاب الفيل (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) ترى كأنها قنابل ذرية لا تبقي ولا تذر.
ثم السجيل (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) كما هنا ، (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) كما في هود ١١ : فلتكن محضرة قرب الظالمين ، ومعلمة للمسرفين ، دون فوضى فيها ولا في إرسالها ، ولا المرسل بهم ، والمرسل إليهم ، وزمان الإرسال ومكانه ، وقدر الظلم والإسراف : مسومة : معلمة عند ربك للمسرفين : المجاوزين الفطرة والعقل والدين ، ومعلمة للظالمين : المنتقصين ، علّ كل طائفة منها لها علامة تخص طائفة من الظالمين المسرفين ، أو أن كل واحدة منها تحمل علامة لكلّ منهم ، فهي مسومات ، كما أن المسرفين دركات ، لكلّ ما يستحقه من سجيل وأصل التسويم هو في تسويم الخيل للحرب ، أي تعليمها بما تتميز بها من خيل العدو ، شبهت بها هذه الحجارة لأنها معلمة بعلامات تدل على مكروه المصابين ، فإرسال هذه للهلاك كإرسال تلك للعراك.
وهي كذلك منضودة : ركاما بعضها فوق بعض ، إن في السماء أو في باطن الأرض ... جنود ربانية تصدر عن مصدر العزة فتذل المسرفين الظالمين.
ولقد كان أمطار السجّيل تتمة التدمير بعد الصيحة : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ. فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (١٥ : ٧٥) وترى كيف ابتداء العذاب؟ :
(فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : وهم آل لوط إلا امرأته ، فقومه تآمروا في إخراجهم تخلصا منهم : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (٢٧ : ٥٦) : إخراج مهانة ، ولكن الله تكفل لهم إخراج كرامة : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (٢٧ : ٥٨) (.. كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(٧ : ٨٣) أجل ـ أهله ـ آله فحسب ، كانوا من المؤمنين الذين وجدهم الله :