نوح وأضرابه : (قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (١١ : ٢٣).
وهذه هي السنة العامة في معجزات المرسلين ، انها من أفعال الله الخاصة وليست من أفعالهم ، وانما تجري بإذن الله على أيديهم أم بوعدهم تثبيتا للحجة ، وإيضاحا للمهجة ، اللهم إلا ما يظهر الله تعالى على غيبه من يشاء منهم ، وكما أرى ابراهيم كيف يحيي الموتى أم ماذا (١).
ف (إِنَّمَا الْعِلْمُ) علم المعجزات ، كل العلم وبكل المعجزات (عِنْدَ اللهِ) وليس عندي.
(و) انما (أُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) : من وعد العذاب ووعده فقط : (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) :
فيا لآية العلم هذه من زوايا ثلاث ، قارعة حجتهم الداحضة : أولا بانحصار علم العذاب الآية بالله ، ثم انه ليس الا مبلغا عن الله ، وأخيرا (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ)! : تجهلون لا عن جهل قاصر : الجاهل جهله ، وانما عن تجاهل مقصر ، وهكذا الأكثرية الساحقة من الكافرين ، أنهم متجاهلون تقصيرا ، لا جاهلون قصورا : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (٦ : ١١١) إذا فأقلهم جاهلون وهم القاصرون!.
إنه ليس في حجتي ما ترتابون ، ولا عندكم ما به تحتجون (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) في كل ما تقولون وتقترحون من أقوالكم وأفعالكم ، متخبطين فيها : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (٢٧ : ١٤) (وَتِلْكَ عادٌ
__________________
(١). قد نشبع البحث عن المعجزات حقه في محالها الأنسب إنشاء الله تعالى.