سعي العبد ، ولو (١) كان الفعل مخلوقا لله تعالى لم يكن للعبد سعي ألبتة (٢).
قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) من لا يؤمن هو المنهي صورة ، والمراد غيره ، فهو من باب : لا أرينّك ههنا (٣). وقيل : إن صدّ الكافرين (٤) عن التصديق بها سبب للتكذيب ، فذكر السبب ليدل على المسبب (٥). والضميران في «عنها» و«بها» للسّاعة (٦) قاله ابن عباس (٧) ، وذلك لأنه يجب عود الضمير إلى أقرب مذكور وهو هنا الساعة (٨). وقيل : للصلاة (٩).
وقال أبو مسلم : الضمير في (عنها) للصّلاة ، وفي (بها) للسّاعة ، قال : وهذا جائز في اللغة (١٠) ، فالعرب (١١) تلف الخبرين ثم (١٢) ترمي بجوابهما جملة ليرد السامع إلى كل خبر (١٣) حقه (١٤).
وأجيب (١٥) بأنّ هذا إنما يصار إليه عند الضرورة ولا ضرورة (ههنا (١٦)) (١٧).
قوله (١٨) : «فتردى» يجوز فيه أن ينتصب في جواب النهي بإضمار (أن) (١٩) وأن يرتفع (٢٠) على خبر ابتداء مضمر تقديره : فأنت تردى (٢١).
وقرأ يحيى : «تردى» بكسر التاء (٢٢) ، وقد تقدم أنها لغة والرّدى الهلاك يقال : ردي يردى ردى (٢٣) ، قال دريد (بن الصمة) (٢٤)(٢٥) :
__________________
(١) في ب : فلو.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(٣) قال سيبويه في هذا : (باب الحروف التي تنزل بمنزلة الأمر والنهي : ومثله من النهي لا يرينك ههنا ، ولا أرينك ههنا) الكتاب ٣ / ١٠١ ، وقد تكلم العلماء في إمكان النهي لغير المخاطبة فقالوا إنه من قبيل المجاز المرسل الذي علاقته السببية ، من إطلاق المسبب وإرادة السبب ، أي لا يمكن منك وجود حتى لا يراك أو لا أراك ، فصد الكافر مسبب عن رخاوة الرّجل في الدّين ، فذكر المسبب ليدل على السبب).
انظر الكشاف ٢ / ٤٣٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٣.
(٤) في ب : الكافر.
(٥) انظر : الكشاف ٢ / ٤٣٠.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٣.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(٨) هذا التعليل من كلام القاضي. انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.
(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.
(١١) في ب : والعرب.
(١٢) في ب : لم. وهو تحريف.
(١٣) في ب : ليرمي السامع وليرد إلى كل. وهو تحريف.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(١٥) هذا جواب القاضي عما قاله أبو موسى.
(١٦) الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(١٧) ههنا : سقط من ب.
(١٨) قوله : سقط من ب.
(١٩) في ب : أنه. وهو تحريف.
(٢٠) في ب : يرفع.
(٢١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٧ ، البيان ٢ / ١٤٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.
(٢٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.
(٢٣) اللسان (ردى).
(٢٤) هو دريد بن الصمة الجشمي شجاع شاعر ، جعله محمد بن سلام أول الشعراء الفرسان عاش نحوا من مائتي سنة حتى سقط حاجباه على عينه ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ، وقتل يوم حنين كافرا. الخزانة ١١ / ١١٨ ـ ١٢١.
(٢٥) ابن الصمة : سقط من ب.