وهذا هو (معنى قول من قال : إنه على إسقاط (إلى) و) (١) كان قد جوّز أن يكون ظرفا كما تقدّم (٢) ، إلا أن أبا حيّان ردّه بأنّه ظرف مختص فلا يصل إليه الفعل إلا بواسطة (في) (٣) إلا فيما (شذ (٤). والسيرة) (٥) فعلة تدل على الهيئة من السّير كالركبة من الركوب (٦) ، ثم اتسع فعبر بها عن المذهب والطريقة ، قال خالد الهذلي (٧) :
٣٦٥٣ ـ فلا تغضبن من سيرة أنت سرتها |
|
فأوّل راض سيرة من يسيرها (٨) |
وجوّز (٩) أيضا أن ينتصب بفعل مضمر ، أي : يسير سيرتها الأولى ، وتكون هذه الجملة المقدرة في محل نصب على الحال ؛ أي : سنعيدها (١٠) سائرة سيرتها (١١).
فإن قيل (١٢) : لمّا نودي يا موسى ، وخصّ بتلك الكرامات العظيمة وعلم أنه مبعوث من عند الله تعالى إلى الخلق فلماذا (١٣) خاف؟ فالجواب من وجوه :
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من ب. وفيه : الذي.
(٢) انظر الكشاف ٢ / ٤٣١. قال الزمخشري : (فيجوز أن ينتصب على الظرف ، أي سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي في حال ما كانت عصا).
(٣) في : سقط من الأصل.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.
(٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(٦) اسم الهيئة : اسم يدل على نوع من الحدث ، وضرب منه له صفة خاصة ، وقياسه من الثلاثي على (فعلة) بكسر الفاء وسكون العين نحو جلسة.
فإذا كان المصدر العام على (فعلة) بكسر الفاء دلّ على الهيئة بالوصف. نحو نشدة عظيمة. ومن غير الثلاثي يؤتى بالمصدر العام موصوفا نحو : أسرع إسراعا شديدا. انظر التبيان في تصريف الأسماء ٥٥ ـ ٥٦.
(٧) هو خالد بن زهير الهذلي ، أحد بني مازن بن معاوية (سعد بن هذيل) عارض زواج ابن عمه أبي ذؤيب الهذلي ، فوقع في معركة بالهجاء معه ، ومع معقل بن خويلد الهذلي ، التقى خالد بالرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكان عند وفاته مقيما بالمدينة ، رثاه أبو خراش بقصيدة. تاريخ التراث العربي ، فؤاد سزكين ٢ / ٢٦٥.
(٨) البيت من بحر الطويل قاله خالد الهذلي ، اللسان (سير) ، والشاهد فيه أنه عبر عن المذهب والطريقة بالسيرة اتساعا ، لأن (سيرة) على فعلة تدل على الهيئة.
ورواية الديوان :
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها |
|
وأول راضي سنة من يسيرها |
وقد تقدم.
(٩) أي الزمخشري.
(١٠) في ب : نعيدها.
(١١) قال الزمخشري : (ووجه ثالث حسن ، أن يكون سنعيدها مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها بمعنى : أنها أنشئت أول ما انشئت عصا ، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية ، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أولا ، ونصب (سيرتها) بفعل مضمر أي : تسير سيرتها الأولى أي سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ، ولك فيها المآرب التي عرفتها) الكشاف ٢ / ٤٣١.
(١٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨ ـ ٢٩.
(١٣) في ب : فلما.