إنه توسّع في هذا الظرف فجعل مفعولا به : أي جعل نفس الموعود (١) نحو : سير عليه فرسخان وبريدان (٢). قوله : «فيحلّ» قرأ (٣) العامة فيحل بكسر الحاء واللام من «يحلل». والكسائي بضمهما (٤).
وابن عيينة وافق العامة في الحاء ، والكسائي في اللام (٥). فالعامة (٦) من حلّ عليه كذا ، أي : وجب ، من حلّ الدّين يحلّ ، أي : وجب قضاؤه (٧) ، ومنه قوله : «حتّى يبلغ الهدي محلّه» (٨) ، ومنه أيضا : (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٩).
وقراءة الكسائي من حلّ يحلّ ، أي نزل (١٠) ، ومنه (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ)(١١) والمشهور أن فاعل «يحلّ» في القراءتين هو «غضبي» وقال صاحب اللوامح (١٢) : إنه مفعول به ، وأن الفاعل ترك لشهرته والتقدير : فيحل عليكم طغيانكم غضبي ، ودل على ذلك (وَلا تَطْغَوْا) ولا يجوز (١٣) أن يسند إلى «غضبي» فيصير في موضع رفع (١٤) بفعله. ثم قال : وقد يحذف المفعول للدليل (١٥) عليه وهو العذاب ونحوه (١٦) قال شهاب الدين :
__________________
ـ بالمصدر الميمي. ويرى كثير من النحاة ومنهم الرضي استثناء (جانب) من المبهم وما في معناه كجهة ، ووجه ، وكنف ، وجوف البيت ، وخارج الدار ، وداخلها ... فيمتنع نصبها على الظرفية المكانية لعدم إبهامها ، ويوجب جرها بالحرف (في) صريحا ، وعلى ذلك لا يجوز نصب جانب على الظرفية لأنه مختص. انظر شرح الكافية ١ / ١٨٤ ، شرح التصريح ١ / ٣٤١. وانظر أيضا مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٥ ، ٢ / ١٥١ ، التبيان ٢ / ٨٩٩.
(١) في ب : أي جعل نفس المخفوض وهو الموعود.
(٢) لأن الفرسخ والبريد من أسماء المقادير وهي شبيهة بالمبهم فنصب على الظرفية ، فيجوز أن يسند إليه الفعل في الاتساع. بخلاف (جانب) لأنه ظرف مختص ، فلا يجوز نصبه على الظرفية بل يجب جره ب (في) صريحا.
(٣) في ب : ليحل قراءة. وهو تحريف.
(٤) السبعة (٤٢٢) ، الحجة لابن خالوية (٢٤٥) ، الكشف ٢ / ١٠٣ ، النشر ٢ / ٣٢١ الإتحاف (٣٠٦).
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(٦) في الأصل : فقراءة.
(٧) أي أنهم بنوه على فعل يفعل ، وهي لغة مسموعة ، حكى أبو زيد : حلّ عليه أمر الله يحلّ. الكشف ٢ / ١٠٣. وقال ابن منظور : وإذا قلت : المحل بكسر الحاء فهو من حلّ يحلّ أي وجب يجب. اللسان (حلل).
(٨) [البقرة : ١٩٦].
(٩) [هود : ٣٩]. [الزمر : ٤٠].
(١٠) أي أنّه بناه على فعل يفعل جعله بمنزلة ما يحل في مكان ، حكى أبو زيد وغيره : حلّ في المكان يحلّ حلولا ومحلّا وحللا بفك التضعيف نادر وذلك نزول القوم بمحلّة ، وهو نقيض الارتحال. اللسان (حلل).
(١١) [الرعد : ٣١].
(١٢) قال ذلك توجيها لقراءة قتادة وابن وثاب والأعمش «فيحلّ» بضم الياء وكسر الحاء. انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(١٣) في البحر المحيط : وقد يجوز.
(١٤) رفع : سقط من ب.
(١٥) في ب : لدليل.
(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.