فمن كسر فيجوز أن يكون ذلك استئنافا (١) ، وأن يكون نسقا على «إنّ» الأولى (٢). ومن فتح فلأنه (٣) عطف مصدرا (٤) مؤولا على اسم «إنّ» الأولى ، والخبر «لك» المتقدم. والتقدير : إنّ لك عدم الجوع ، وعدم العري ، وعدم الظمأ والضحى. وجاز أن يكون «أنّ» بالفتح اسما ل «إنّ» بالكسر للفصل بينهما (٥) ، ولو لا ذلك لم يجز. لو قلت : إنّ أنّ زيدا قائم حق (٦) لم يجز ، فلما فصل بينهما جاز (٧).
وتقول : إنّ عندي أنّ زيدا قائم ، فعندي هو الخبر قدم على الاسم وهو أنّ وما في تأويلها لكونه ظرفا ، والآية من هذا القبيل إذ التقدير : فإن لك أنّك لا تظمأ (٨) وقال الزمخشري : فإن قلت : «إنّ» لا تدخل على «أنّ» ، فلا يقال : إنّ أنّ زيدا منطلق ، والواو نائبة عن «إنّ» وقائمة مقامها ، فلم دخلت عليها؟ قلت : الواو لم توضع لتكون أبدا نائبة عن «إنّ» إنما هي نائبة عن كل عامل ، فلمّا لم تكن حرفا موضوعا للتحقيق خاصة كإن لم يمتنع اجتماعهما كما اجتمع «إنّ» و«أنّ» (٩) وضحي يضحى (١٠) أي : برز للشمس ، قال عمر (١١) بن أبي ربيعة :
٣٦٩٨ ـ رأت رجلا أمّا إذا(١٢)الشّمس عارضت |
|
فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر (١٣) |
__________________
(١) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٣٧٨ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٧ ، البيان ٢ / ١٥٤. التبيان ٢ / ٩٠٦.
(٢) انظر التبيان : ٢ / ٩٠٦.
(٣) في ب : كلامه. وهو تحريف.
(٤) في ب : مصدر.
(٥) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٣٧٨ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٧ ، البيان ٢ / ١٥٤ ، التبيان ٢ / ٩٠٦. وذكر الزجاج وابن الأنباري وجها آخر ، وهو أن يكون موضعها الرفع بالعطف على الموضع ، كما تقول : إن زيدا قائم وعمرو. بالعطف على موضع «إنّ».
(٦) في ب : إن زيدا قائم حق.
(٧) وذلك لأن (إنّ وأنّ) للتأكيد ، كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد.
(٨) وذلك أنّ خبر (إنّ) إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا يجوز تقديمه على اسمها للتوسع في الظروف والمجرورات. انظر شرح الأشموني ١ / ٢٧٢.
(٩) الكشاف ٢ / ٤٤٩.
(١٠) في ب : قوله : «تضحى».
(١١) في الأصل : عمرو ، وفي ب : قال علي. وهو تحريف.
(١٢) في ب : واب رجل أما أذى. وهو تحريف.
(١٣) البيت من بحر الطويل قاله عمر بن أبي ربيعة وهو في ديوانه (٦٤) ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ١٩٤ ، ومجاز القرآن ٢ / ٣٢ ، الكامل ١ / ٩٨ ، ٢٨٤ ، ٣ / ١١٥٣ ، معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٣٧٨ ، المحتسب ١ / ٢٨٤ ، القرطبي ١١ / ٢٥٤ ، اللسان (ضحا) ، المغني ١ / ٥٦ ، شرح شواهده ١ / ١٧٤ الهمع ٢ / ٦٧ ، شرح الأشموني ٤ / ٤٩. والخزانة ١١ / ٣٦٧ ، الدرر ٢ / ٨٤. ورواية الديوان :
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت |
|
فيضحى وأما بالعشي فيخصر |
ورواية (أيما) يستدل بها النحاة على قلب ميم (أما) الأولى ياء استثقالا للتضعيف. انظر شرح الأشموني ٤ / ٤٩.