فإن قيل : لم قال : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ) مع أن المخرج لهما من الجنة هو الله تعالى (١)؟
فالجواب لما كان بوسوسته (٢) هو الذي فعل ما ترتب عليه الخروج صح (٣) ذلك (٤). قوله : «فتشقى» منصوب بإضمار (أن) في جواب النهي (٥) ، والنهي في الصورة لإبليس والمراد به هما ، أي لا تتعاطيا أسباب الخروج (فيحصل لكما الشقاء) (٦) ، وهو الكد والتعب الدنيوي خاصة. ويجوز أن يكون مرفوعا على الاستئناف ، أي : فأنت تشقى ، كذا قدره أبو حيان (٧).
وهو (٨) بعيد أو ممتنع ، إذ ليس المقصود (٩) الإخبار بأنه يشقى بل (١٠) إن وقع الإخراج لهما من إبليس حصل ما ذكر. وأسند الشقاء (١١) إليه دونها ، لأن الأمور معدوقة برؤوس الرجال ، وحسن ذلك كونه رأس فاصلة ، ولأنّه إن (١٢) أريد بالشقاء التعب في طلب القوت فذلك على الرجل دون المرأة.
قوله : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ) «لك» (١٣) خبر «إنّ» ، و«ألّا تجوع» في محل نصب اسما لها (١٤) ، (والتقدير : إنّ لك عدم الجوع والعري) (١٥). و«تعرى» منصوب تقديرا نسقا على «تجوع» (١٦) (والعري تجرد الجلد عن شيء يقيه ، يقال منه : عري يعرى عريا) (١٧) قال الشاعر :
٣٦٩٧ ـ فإن يعرين إن كسي الجواري |
|
فتنبو العين عن كرم عجاف (١٨) |
(وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا) قرأ نافع وأبو بكر «وإنّك» بكسر الهمزة. والباقون بفتحها (١٩).
__________________
(١) تعالى : سقط من ب.
(٢) في ب : لما كان بوسوستهما أعني بوسوسته. وهو تحريف.
(٣) في ب : فصح.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٢٥.
(٥) وذلك أنّ «أن» تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نهي ، والنهي هنا قوله : «فَلا يُخْرِجَنَّكُما». وانظر البحر المحيط ٦ / ٢٨٤.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٨٤.
(٨) في ب : وهذا.
(٩) المقصود : سقط من ب.
(١٠) في ب : بعد.
(١١) في الأصل : الشقاوة. وهو تحريف.
(١٢) أن : سقط من ب.
(١٣) لك : سقط من ب.
(١٤) انظر البيان ٢ / ١٥٤.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) في ب : منصوب تقديرا على تجوع نسقا لها.
(١٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٨) البيت من بحر الوافر لسعيد بن مسحوج الشيباني ، أو لأبي خالد القناني وهو في الكامل ٣ / ١٠٨٢ ، الخصائص ٢ / ٢٩٢ ، ٣٤٢ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٢٣٣ ، اللسان (كرم ـ كسا) المغني ٢ / ٥٢٧ وشرح شواهده ٢ / ٨٨٦.
(١٩) السبعة ٤٢٤ ، الحجة لابن خالويه (٢٤٧) ، الكشف ٢ / ١٠٧ ، النشر ٢ / ٣٢٢ ، الإتحاف (٣٠٨).