مرفوعا عن الإنسان بل (١) كان مؤاخذا به ، وإنما رفع عنا.
وقيل : نسي عقوبة الله ، وظن أنّه نهي (٢) تنزيه (٣). قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) تقدّم الكلام على ذلك مفصّلا في سورة البقرة (٤).
وقوله : «أبى» جملة مستأنفة ، لأنها جواب سؤال مقدر (٥) ، أي : ما منعه من السجود؟ فأجيب بأنه أبى واستكبر.
ومفعول الإباء يجوز أن يكون مرادا (٦) ، وقد صرّح به في الآية الأخرى في قوله : (أَبى (٧) أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)(٨) وحسن حذفه هنا كون العامل رأس فاصلة. ويجوز أن لا يراد ألبتة ، وأن المعنى : أنه من أهل الإباء والعصيان من غير نظر إلى متعلق الإباء ما هو (٩).
قوله (١٠) : (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) وسبب (١١) تلك العداوة من وجوه (١٢) :
الأول : أن إبليس كان حسودا ، فلمّا رأى آثار نعم الله تعالى في حق آدم حسده فصار (١٣) عدوا له.
الثاني : أن آدم ـ عليهالسلام (١٤) ـ كان شابا عالما لقوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(١٥) ، وإبليس كان شيخا جاهلا ، لأنه أثبت فضيلته بفضيلة أصله ، وذلك جهل والشيخ أبدا يكون عدوا للشّاب العالم.
الثالث : أن إبليس مخلوق من النار وآدم مخلوق من الماء والتراب ، فبين أصليهما (١٦) عداوة ، فبقيت تلك العداوة (١٧).
__________________
(١) في ب : بلى.
(٢) نهي : سقط من ب.
(٣) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤٦٢.
(٤) عند قوله تعالى : «وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ» [البقرة : ٣٤].
(٥) انظر الكشاف ٢ / ٤٤٩.
(٦) في ب : مراد. وهو تحريف.
(٧) في ب : وصرح به في آية أخرى فأبى. وهو تحريف.
(٨) [الحجر : ٣١].
(٩) وقد رجحه الزمخشري حيث قال : (والوجه أن لا يقدر له مفعول ، وهو السجود المدلول عليه بقوله : «فسجدوا» ، وأن يكون معناه : أظهر الإباء وتوقف وتثبط). الكشاف ٢ / ٤٤٩.
(١٠) قوله : سقط من ب.
(١١) في ب : فصل سبب.
(١٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٢٤ ـ ١٢٥.
(١٣) في ب : وصار.
(١٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٥) [البقرة : ٣١].
(١٦) في ب : أصلهما.
(١٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٢٤ ـ ١٢٥.