أحدها : أن يكون نعتا ل «كبيرهم».
الثاني : أن يكون بدلا من «كبيرهم».
الثالث : أن يكون خبرا ل «كبيرهم» على أنّ الكلام يتم عند قوله «بل فعله» وفاعل الفعل محذوف. كذا نقله أبو البقاء ، وقال : وهذا بعيد ، لأنّ حذف الفاعل لا يسوغ (١). قال شهاب الدين : وهذا القول يعزى للكسائي (٢) ، وحينئذ لا يحسن الرد عليه بحذف الفاعل فإنه يجيز ذلك ، ويلزمه ، ويجعل التقدير : بل فعله من فعله ويجوز أن يكون أراد بالحذف الإضمار ، لأنه لمّا لم يذكر الفاعل لفظا سمى ذلك حذفا (٣).
الرابع : أن يكون الفاعل ضمير «فتى» (٤).
الخامس : أن يكون الفاعل ضمير «إبراهيم» (٥).
وهذان الوجهان يؤيدان أنّ المراد بحذف الفاعل إنّما هو الإضمار.
السادس : أن «فعله» ليس فعلا ، بل الفاء حرف عطف دخلت على «علّ» (٦) التي أصلها «لعلّ» حرف ترج وحذف اللام الأولى ثابت (٧) ، فصار اللفظ «فعلّه» أي : فلعلّه ، ثم حذفت اللام الأولى وخففت الثانية. وهذا يعزى للفراء (٨) وهو مرغوب عنه. وقد استدل على مذهبه بقراءة ابن السميفع «فعلّه» بتشديد اللام (٩) ، وهي قراءة شاذة لا يرجع بالقراءة المشهورة إليها ، وكأن الذي حملهم على هذا خفاء وجه صدور هذا الكلام من النبي ـ عليهالسلام (١٠) ـ.
__________________
(١) التبيان ٢ / ٩٢١.
(٢) قد ذكرت في سورة [طه : ١٢٨] عند بيان الأوجه في فاعل «يهد» من قوله تعالى«أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ»رأي الكسائي وما استدل به ، وما يستثنى من عدم جواز حذف الفاعل.
(٣) الدر المصون ٥ / ٥٣.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٢٥.
(٥) المرجع السابق.
(٦) في ب : على.
(٧) وذلك أن (لعل) فيها لغات وهي «لعل» بسيطة ولامها أصل ، وقيل : مركبة من «عل» واللام زائدة ، وقيل من لام الابتداء ، و«عل» بحذف اللام ، ولعنّ بإبدال اللام نونا ، و(عنّ) بحذف اللام من هذه ، و«رعن» بإبدال اللام راء ، و«رغنّ» ولغنّ بالغين المعجمة فيهما بدلا من المهملة و(رعلّ) بالمهملة ، و(لوان). ونقل البعض زيادة (عل وأل) بفتح اللام في هذين ، فإن أراد فتح اللام مشددة لزمه التكرار لتقدم علّ المشدّدة اللام ، وإن أراد فتحها مخففة ، فلعل لا يجوز تخفيفها على اختلاف لغاتها ، وقال الفارسي : تخفف وتعمل في ضمير الشأن محذوفا.
انظر الهمع ١ / ١٣٤ ، وشرح الأشموني وحاشية الصبان ١ / ٢٧١ ، ٢٩٤.
(٨) قال الفراء : (قال بعض الناس : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) مشددة يريد : فلعله كبيرهم) معاني القرآن ٢ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.
(٩) المختصر (٩٢) ، والقرطبي ١١ / ٣٠٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٢٥.
(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام. وانظر البحر المحيط ٦ / ٣٢٥.