فأمّا قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) فلعله سقيم القلب كما يجيء في موضعه (١).
وأمّا قوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) فقد ظهر الجواب عنه (٢). وأما قوله لسارة : هذه أختي ، أي(٣) : في الدين (٤). وأما قصة يوسف ـ عليهالسلام (٥) ـ فتقدم الكلام عليها (٦).
قوله : (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) جوابه محذوف لدلالة ما قبله ، ومن جوّز التقديم جعل «فاسألوهم» هو الجواب (٧).
قوله : (فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) فيه وجوه :
الأول : أنّ إبراهيم ـ عليهالسلام (٨) ـ لما نبههم على قبح طريقتهم بما أورده عليهم علموا أنّ عبادة الأصنام باطلة ، وأنهم على غرور وجهل في ذلك.
الثاني : قال مقاتل : (فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ) فلاموها وقالوا : (إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) لإبراهيم حيث تزعمون أنه كسرها مع أن الفأس بين يدي الصنم الكبير.
الثالث : أنتم الظالمون لأنفسكم حيث سألتموه حتى إنه يستهزىء بكم في الجواب (٩).
قوله (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) قرأ العامة : «نكسوا» مبنيا للمفعول مخفف الكاف أي : نكسهم الله (١٠) أو خجلهم. و (عَلى رُؤُسِهِمْ) حال ، أي : كائنين على رؤوسهم (١١). ويجوز أن يتعلق بنفس الفعل (١٢). والنّكس والتّنكيس : القلب ، يقال :
__________________
(١) [الصافات : ٨٩].
(٢) قريبا.
(٣) أي : سقط من ب.
(٤) الفخر الرازي ٢٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) في سورة يوسف. انظر اللباب ٥ / ٥٥.
(٧) وذلك أنه يجوز حذف ما علم من جواب شرطه ماض نحو و«َإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ» [الأنعام : ٣٥] ، والتقدير فافعل ، ويجب حذف الجواب إن كان الدّال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى ، ولا يصح جعله جوابا صناعة إما لكونه جملة اسمية مجردة من الفاء نحو أنت ظالم إن فعلت. وإما لكونه جملة منفية بلم مقرونة بالفاء نحو قوله : فلم ارقه أن ينج منها. وإما لكونه مضارعا مرفوعا لزوما نحو أقوم إن قمت. والجواب في ذلك كله محذف لدلاله المتقدم عليه. وليس المتقدم بجواب عند جمهور البصريين ، لأن أداة الشرط لها صدر الكلام فلا يتقدم عليها الجواب وذهب الكوفيون والمبرد وأبو زيد إلى أنّه لا حذف والمتقدم هو الجواب. والصحيح مذهب البصريين.
كذلك يحذف جواب الشرط إن كان الدال عليه ما تأخر من جواب قسم سابق عليه نحو قوله تعالى : «لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ» [الإسراء : ٨٨] ، فجملة «لا يأتون» جواب القسم السابق على الشرط ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.
انظر شرح التصريح ٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ شرح الأشموني ٤ / ١٥ ، ٢٥.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٨٦.
(١٠) لفظ الجلالة سقط من الأصل.
(١١) انظر التبيان ٢ / ٩٢٢.
(١٢) المرجع السابق.