مسّني الضّر وأنت أرحم الرّاحمين» فقال : ارفع (١) رأسك فقد استجبت لك (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(٢) فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها ، فلم يبق في ظاهر بدنه دابة إلا سقطت ، ثم ضرب برجله مرة أخرى ، فنبعت عين أخرى ، فشرب منها ، فلم يبق في جوفه داء إلّا خرج ، وقام (٣) صحيحا ، وعاد إليه شبابه وجماله حتى صار أحسن ما كان ، ثم كسي حلة فلما قام جعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من الأهل والمال إلا وقد ضاعفه الله ، حتى ذكر أن الماء الذي اغتسل منه تطاير على صدره جرادا من ذهب ، فجعل يضمه بيده ، فأوحى الله إليه : يا أيوب ألم أغنك (٤)؟ قال : بلى ، ولكن من يشبع من نعمك ، قال : فخرج حتى جلس على مكان (٥) مشرف ، ثم إن امرأته قالت : هب أنه طردني أفأتركه حتى يموت جوعا وتأكله السباع ، لأرجعن إليه فلما رجعت ما رأت تلك الكناسة ، ولا تلك الحال ، وإذا (٦) الأمور قد تغيرت ، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي ، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه ، وتسأل عنه ، فأرسل إليها أيوب ، ودعاها ، فقال : ما تريدين يا أمة الله؟ فبكت ، وقالت : أردت ذلك المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة. قال لها أيوب : ما كان منك ، فبكت ، وقالت (٧) : بعلي ، قال أتعرفينه إذا رأيتيه ، قالت : وهل يخفى علي فتبسم وقال : أنا هو. فعرفته بضحكه فاعتنقته ، ثم قال : إنك أمرتيني أن أذبح لإبليس سخلة (٨) ، وإني أطعت الله ، وعصيت إبليس ، ودعوت الله ، فرد عليّ ما ترين.
وروى الضحاك ومقاتل : أنّ أيوب بقي في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات. وقال وهب : بقي في البلاء ثلاث سنين ، فلما غلب أيوب ـ عليهالسلام (٩) ـ إبليس ذهب إبليس ـ لعنه الله ـ إلى امرأته على هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والحسن والجمال ، وعلى مركب ليس من مراكب الناس ، فقال لها : أنت صاحبة أيوب ، قالت : نعم. قال : فهل تعرفيني؟ قالت : لا. قال : فأنا إله الأرض ، صنعت بأيوب ما صنعت ، وذلك لأنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني ، ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليه وعليك جميع ما لكما من مال وولد فإن ذلك عندي. قال وهب : وسمعت أنه قال : لو أن صاحبك أكل طعاما ولم يسم الله لعوفي مما به من البلاء ، وفي رواية أخرى قال لها : لو شئت فاسجدي (١٠) لي سجدة واحدة لرجعت المال والولد وأعافي زوجك. فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها. فقال لها أيوب ـ عليه
__________________
(١) أرفع : سقط من ب.
(٢) من قوله تعالى : «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ» [ص : ٤٢].
(٣) في ب : وقال. وهو تحريف.
(٤) في الأصل : ألم أكن أغنك؟.
(٥) في الأصل : مكاك. وهو تحريف.
(٦) في ب : وإذ.
(٧) في ب : قالت.
(٨) في ب : سخلة لإبليس.
(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٠) في ب : فاسجد.