والكلام في الكاف معروف (١) أعني : كونها نعتا لمصدر مقدر (٢) أو حالا من ضميره. وأصل «طيّ» طوي ، فأعلّ كنظائره (٣). وروي عن علي وابن عباس : أنّ السجل اسم ملك يطوي كتب أعمال بني آدم (٤). وروى أبو الجوزاء (٥) عن ابن عباس : أنّ السجل اسم رجل كان يكتب لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم (٦) ـ. وعلى هذين القولين يكون المصدر مضافا لفاعله (٧) ، والكتاب اسم الصحيفة المكتوبة. قال بعضهم (٨) : وهذا القول بعيد ، لأنّ كتّاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كانوا معروفين وليس فيهم من سمّي بهذا (٩). قال أبو إسحاق الزجاج : السجل الرجل بلغة الحبشة (١٠).
وقال الزمخشري : كما يطوى الطّومار (١١) للكتابة ، أي : ليكتب فيه ، أو لما يكتب فيه ، لأنّ الكتاب أصله المصدر كالبناء ، ثم يوقع على المكتوب (١٢). فقدره الزمخشري من الفعل المبني للمفعول ، وقد عرف ما فيه من الخلاف واللام في «الكتاب» إما مزيدة في المفعول إن قلنا : إنّ المصدر مضاف لفاعله(١٣). وإما متعلقة ب «طيّ» إذا قلنا : المراد بالسجل الطومار ، فالمصدر وهو الطيّ مضاف إلى المفعول ، والفاعل محذوف ، والتقدير : كطي الطاوي السجل وهذا قول الأكثرين (١٤). وقيل : اللام بمعنى (على) (١٥) ، وهذا ينبغي أن لا يجوز لبعد معناه على كل قول.
__________________
ـ نسبة فاعله منه نسبة الجزء من الكلمة. وقال الكوفية لا يحذف بل يضمر في المصدر كما يضمر في الصفات والظرف. وقال أبو القاسم خلف بن فرتون بن الأبرش ينوى إلى جنب المصدر قال : ولا يجوز أن يقال إنه محذوف ، لأن الفاعل لا يحذف ولا يضمر لأن المصدر لا يضمر فيه لأنه بمنزلة اسم الجنس. ويجوز إبقاؤه مع الإضافة إلى المفعول في الأصح ، نحو قوله تعالى في قراءة يحيى بن الحارث الذماري عن ابن عامر ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم : ٢] برفع «عبده». المختصر (٨٣) الهمع ٢ / ٩٤.
(١) في ب : معروفة. وهو تحريف.
(٢) البيان ٢ / ١٦٦.
(٣) وذلك أنه متى اجتمعت الواو والياء في كلمة والسابق منهما متأصل ذاتا وسكونا تقلب الواو ياء وتدغم الياء في الياء نحو سيّد وميّت وطيّ وليّ. انظر شرح الشافية ٣ / ١٣٩.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢٨.
(٥) هو أوس بن عبد الله الربعي أبو الجوزاء البصري ، روى عن أبي هريرة وعائشة ، وابن عباس وغيرهم ، مات سنة ٨٣ ه. تهذيب التهذيب ١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ، تقريب التهذيب ١ / ٨٦.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢٨.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٢٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٣.
(٨) وهو ابن الخطيب في تفسيره ٢٢ / ٢٢٨.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢ / ٢٢٨.
(١٠) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٤٠٦.
(١١) الطّومار : الصحيفة ، وهو واحد الطّوامير. اللسان (طمر).
(١٢) الكشاف ٣ / ٢٢.
(١٣) وتسمى لام التقوية ، وهي المزيدة لتقوية عامل ضعف إما بتأخير أو بكونه فرعا في العمل كما هنا فالعامل مصدر ، وهو فرع في العمل عن الفعل. انظر التبيان ٢ / ٩٢٩ ، المغني ١ / ٢١٧.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢٨ ، التبيان ٢ / ٩٢٩.
(١٥) انظر التبيان ٢ / ٩٢٩.