(وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٤٩)
____________________________________
فيما لهم وما عليهم وهو حال مقدرة (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر الكافرين بالنار (وَداعِياً إِلَى اللهِ) أى إلى الإقرار به وبوحدانيته وبسائر ما يجب الإيمان به من صفاته وأفعاله (بِإِذْنِهِ) أى بتيسيره أطلق عليه مجازا لما أنه من أسبابه وقيد به الدعوة إيذانا بأنها أمر صعب المنال وخطب فى غاية الإعضال لا يتأتى إلا بإمداد من جنات قدسه كيف لا وهو صرف للوجوه عن القبل المعبودة وإدخال الأعناق فى قلادة غير معهودة (وَسِراجاً مُنِيراً) يستضاء به فى ظلمات الجهل والغواية ويهتدى بأنواره إلى مناهج الرشد والهداية (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) عطف على مقدر يقتضيه المقام ويستدعيه النظام كأنه قيل فراقب أحوال الناس وبشر المؤمنين منهم (بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) أى على مؤمنى سائر الأمم فى الرتبة والشرف أو زيادة على أجور أعمالهم بطريق التفضل والإحسان (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) نهى عن مداراتهم فى أمر الدعوة واستعمال لين الجانب فى التبليغ والمسامحة فى الإنذار كنى عن ذلك بالنهى عن طاعتهم مبالغة فى الزجر والتنفير عن المنهى عنه بنظمه فى سلكها وتصويره بصورتها ومن حمل النهى على التهييج والإلهاب فقد أبعد عن التحقيق بمراحل (وَدَعْ أَذاهُمْ) أى لا تبال بأذيتهم لك بسبب تصلبك فى الدعوة والإنذار (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فى كل ما تأتى وما تذر من الشئون التى من جملتها هذا الشأن فإنه* تعالى يكفيكهم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) موكولا إليه الأمور فى كل الأحوال وإظهار الاسم الجليل فى موضع الإضمار لتعليل الحكم وتأكيد استقلال الاعتراض التذييلى ولما وصف صلىاللهعليهوسلم بنعوت خمسة قوبل كل منها بخطاب يناسبه خلا أنه لم يذكر مقابل الشاهد صريحا وهو الأمر بالمراقبة ثقة بظهور دلالة مقابل المبشر عليه وهو الأمر بالتبشير حسبما ذكر آنفا وقوبل النذير بالنهى عن مداراة الكفار والمنافقين والمسامحة فى إنذارهم كما تحققته وقوبل الداعى إلى الله بإذنه بالأمر بالتوكل عليه من حيث إنه عبارة عن الاستمداد منه تعالى والاستعانة به وقوبل السراج المنير بالاكتفاء به تعالى فإن من أيده الله تعالى بالقوة القدسية ورشحه للنبوة وجعله برهانا نيرا يهدى الخلق من ظلمات الغى إلى نور الرشاد حقيقى بأن يكتفى به عن كل ما سواه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) أى تجامعوهن وقرىء تماسوهن بضم التاء (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) بأيام يتربصن فيها بأنفسهن (تَعْتَدُّونَها) تستوفون عددها من عددت الدراهم فاعتدها وحقيقته عدها لنفسه وكذلك كلته فاكتاله والإسناد إلى الرجال للدلالة على أن العدة حق