(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) (١٦)
____________________________________
فى الدنيا والآخرة لان إحراز قصب السبق فى الدين بالإخلاص فيه والعطف لمغايرة الثانى الأول بتقيده بالعلة والإشعار بأن العبادة المذكورة كما تقتضى الأمر بها لذاتها تقتضيه لما يلزمها من السبق فى الدين ويجوز أن تجعل اللام مزيدة كما فى أردت لأن أقوم بدليل قوله تعالى (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) فالمعنى وأمرت أن أكون أول من أسلم من أهل زمانى أو من قومى أو أكون أول من دعا غيره إلى ما دعا إليه نفسه (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) يترك الإخلاص والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) هو يوم القيامة وصف بالعظمة لعظمة ما فيه من الدواهى والأهوال (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ) لا غيره لا استقلالا ولا اشتراكا (مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) من كل شوب أمر صلىاللهعليهوسلم أولا ببيان كونه مأمورا بعبادة الله تعالى وإخلاص الدين له ثم بالإخبار بخوفه من العذاب على تقدير العصيان ثم بالإخبار بامتثاله بالأمر على أبلغ وجه وآكده إظهارا لتصلبه فى الدين وحسبما لأطماعهم الفارغة وتمهيدا لتهديدهم بقوله تعالى (فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ) أن تعبدوه (مِنْ دُونِهِ) تعالى وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى كأنهم لما لم ينتهوا عما نهوا عنه أمروا به كى يحل بهم العقاب (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ) أى الكاملين فى الخسران الذى هو عبارة عن إضاعة ما يهمه وإتلاف ما لا بد منه (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ) باختيارهم الكفر لهما أى أضاعوهما وأتلفوهما (يَوْمَ الْقِيامَةِ) حين يدخلون النار حيث عرضوهما للعذاب السرمدى* وأوقعوهما فى هلكة لا هلكة وراءها وقيل خسروا أهليهم لأنهم إن كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم وإن كانوا من أهل الجنة فقد ذهبوا عنهم ذهابا لا إياب بعده وفيه أن المحذور ذهاب مالو آب لا نتفع به الخاسر وذلك غير متصور فى الشق الأخير وقيل خسروهم لأنهم لم يدخلوا مدخل الذين لهم فى أهل الجنة وخسروا أهليهم الذين كانوا يتمتعون بهم لو آمنوا وأياما كان فليس المراد مجرد تعريف الكاملين فى الخسران بما نذكر بل بيان أنهم هم إما بجعل الموصول عبارة عنهم أو عما هم مندرجون فيه اندراجا أوليا وما فى قوله تعالى (أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) من استئناف الجملة وتصديرها بحرف* التنبيه والإشارة بذلك إلى بعد منزلة المشار إليه فى الشر وتوسيط ضمير الفصل وتعريف الخسران ووصفه بالمبين من الدلالة على كمال هو له وفظاعته وأنه لا خسران وراءه ما لا يخفى وقوله تعالى (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ