(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٧)
____________________________________
الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من أصحاب النار أى كما وجب إهلاكهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار فى الآخرة ومحل الكاف على التقديرين النصب على أنه نعت لمصدر محذوف (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) وهم أعلى طبقات الملائكة عليهمالسلام وأولهم وجودا وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له وكناية عن زلفاهم من ذى العرش جل جلالة ومكانتهم عنده ومحل الموصول الرفع على الابتداء خبره (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) والجملة استئناف* مسوق لتسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببيان أن أشراف الملائكة عليهمالسلام مثابرون على ولاية من معه من المؤمنين ونصرتهم واستدعاء ما يسعدهم فى الدارين أى ينزهونه تعالى عن كل ما لا يليق بشأنه الجليل ملتبسين بحمده على نعمائه التى لا تتناهى (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) إيمانا حقيقا بحالهم والتصريح به مع الغنى عن ذكره* رأسا لإظهار فضيلة الإيمان وإبراز شرف أهله والإشعار بعلة دعائهم للمؤمنين حسبما ينطق به قوله تعالى (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) فإن المشاركة فى الإيمان أقوى المناسبات وأتمها وأدعى الدواعى إلى النصح* والشفقة وفى نظم استغفارهم لهم فى سلك وظائفهم المفروضة عليهم من تسبيحهم وتحميدهم وإيمانهم إيذان بكمال اعتنائهم به وإشعار بوقوعه عند الله تعالى فى موقع القبول. روى أن حملة العرش أرجلهم فى الأرض السفلى ورءوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وعن النبى صلىاللهعليهوسلم لا تتفكروا فى عظم ربكم ولكن تفكروا فيما خلق الله من الملائكة فإن خلقا من الملائكة يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه فى الأرض السفلى وقد مرق رأسه من سبع سموات وإنه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كأنه الوصع وفى الحديث أن الله أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائرهم وقيل خلق الله تعالى العرش من جوهرة خضراء وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام وقيل حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا أيمانهم على الشمائل ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر (رَبَّنا) على إرادة القول أى يقولون ربنا على أنه إما بيان لاستغفارهم أو حال* (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) أى وسعت رحمتك وعلمك فأزيل عن أصله للإغراق فى وصفه تعالى بالرحمة والعلم والمبالغة فى عمومهما وتقديم الرحمة لأنها المقصودة بالذات ههنا والفاء فى قوله تعالى (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أى الذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق لترتيب الدعاء على ما قبلها من سعة الرحمة والعلم (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) واحفظهم عنه وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد.