(مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) (٧٨)
____________________________________
(مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أى يقال لهم ويقولون وصيغة الماضى للدلالة على التحقق ومعنى ضلوا عنا غابوا عنا وذلك قبل أن يقرن بهم آلهتهم أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أى بل تبين لنا أنا لم نكن نعبد شيئا بعبادتهم لما ظهر لنا اليوم أنهم لم يكونوا شيئا يعتد به كقولك حسبته شيئا فلم يكن (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الضلال الفظيع (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) حيث لا يهتدون إلى شىء ينفعهم فى الآخرة أو كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يتصادفوا (ذلِكُمْ) الإضلال (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ) أى تبطرون وتتكبرون (بِغَيْرِ الْحَقِّ) وهو الشرك والطغيان (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) تتوسعون فى البطر والأشر والالتفات للمبالغة فى التوبيخ (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) أى أبوابها السبعة المقسومة لكم (خالِدِينَ فِيها) مقدرا خلودكم فيها (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أى عن الحق جهنم والتعبير عن مدخلهم بالمثوى لكون دخولهم بطريق الخلود (فَاصْبِرْ) إلى أن يلاقوا ما أعد لهم من العذاب (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بتعذيبهم (حَقٌّ) كائن لا محالة (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) أى فإن نرك وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذلك لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع إن وحدها (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) وهو القتل والأسر (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) يوم القيامة فتجازيهم بأعمالهم وهو جواب نتوفينك وجواب نرينك محذوف مثل فذاك ويجوز أن يكون جوابا لها بمعنى إن نعذبهم فى حياتك أو لم نعذبهم فإنا نعذبهم فى الآخرة أشد العذاب وأفظعه كما ينبىء عنه الاقتصار على ذكر الرجوع فى هذا المعرض (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) إذ قيل عدد الأنبياء عليهمالسلام مائة وأربعة وعشرون ألفا والمذكور قصصهم أفراد معدودة وقيل ربعة آلاف من بنى إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس (وَما كانَ لِرَسُولٍ) أى وما صح وما استقام لرسول منهم (أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فإن المعجزات على تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختار فى إيثار بعضها والاستبداد بإتيان المقترح منها