(إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠)
____________________________________
خيولهم وتيمموا من الخندق مكانا مضيقا فضربوا خيولهم فاقتحموا فجالت بهم فى السبخة بين الخندق وسلع فخرج على بن أبى طالب رضى الله عنه فى نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التى اقتحموا منها فأقبلت الفرسان نحوهم وكان عمرو معلما ليرى مكانه فقال له على رضى الله عنه يا عمرو إنى أدعوك إلى الله ورسوله والإسلام قال لا حاجة لى إليه قال فإنى أدعوك إلى النزال قال يا ابن أخى والله لا أحب أن أقتلك قال على لكنى والله أحب أن أقتلك فحمى عمرو عند ذلك وكان غيورا مشهورا بالشجاعة واقتحم عن فرسه فعقره أو ضرب وجهه ثم أقبل على على فتناولا وتجاولا فضربه على رضى الله عنه ضربة ذهبت فيها نفسه فلما قتله انهزمت خيله حتى اقتحمت من الخندق هاربة وقتل مع عمرو رجلين منبه بن عثمان ابن عبد الدار ونوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومى قتله أيضا على رضى الله عنه وقيل لم يكن بينهم إلا الترامى بالنبل والحجارة حتى أنزل الله تعالى النصر وذلك قوله تعالى (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً) عطف على* (جاءَتْكُمْ) مسوق لبيان النعمة إجمالا وسيأتى بقيتها فى آخر القصة (وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وهم الملائكة عليهم* السلام وكانوا ألفا بعث الله عليهم صبا باردة فى ليلة شاتية فأخصرتهم وسفت التراب فى وجوههم وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد وقطعت الأطناب وأطفأت النيران وأكفأت القدور وماجت الخيل بعضها فى بعض وقذف فى قلوبهم الرعب وكبرت الملائكة فى جوانب عسكرهم فقال طليحة بن خويلد الأسدى أما محمد فقد بدأكم بالسحر فالنجاء النجاء فانهزموا من غير قتال (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من حفر الخندق* وترتيب مبادى الحرب وقيل من التجائكم إليه ورجائكم من فضله وقرىء بالياء أى بما يعمله الكفار أى من التحرز والمحاربة أو من الكفر والمعاصى (بَصِيراً) ولذلك فعل ما فعل من نصركم عليهم والجملة اعتراض مقرر لما قبله (إِذْ جاؤُكُمْ) بدل من إذ جاءتكم (مِنْ فَوْقِكُمْ) من أعلى الوادى من جهة المشرق وهم بنو غطفان ومن تابعهم من أهل نجد قائدهم عيينة بن حصن وعامر بن الطفيل فى هوازن وضامتهم اليهود من قريظة والنضير (وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أى من أسفل الوادى من قبل المغرب وهم قريش ومن شايعهم من* الأحابيش وبنى كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان وكانوا عشرة آلاف (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) عطف على ما قبله داخل معه فى حكم التذكير أى حين مالت عن سننها وانحرفت عن مستوى نظرها حيرة وشخوصا وقيل عدلت عن كل شىء فلم تلتفت إلا إلى عدوها لشدة الروع (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) * لأن الرئة تنتفخ من شدة الفزع فيرتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة وهى منتهى الحلقوم وقيل هو مثل فى اضطراب القلوب ووجيبها وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة والخطاب فى قوله تعالى (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) لمن يظهر الإيمان على الإطلاق أى تظنون بالله تعالى أنواع الظنون المختلفة حيث ظن المخلصون الثبت القلوب أن الله تعالى ينجز وعده فى إعلاء دينه كما يعرب عنه ما سيحكى عنهم من قولهم (هذا ما وَعَدَنَا