(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً) (١٣)
____________________________________
اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) الآية أو يمتحنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال والضعاف القلوب والمنافقون ما حكى عنهم مما لا خير فيه والجملة معطوفة على زاغت وصيغة المضارع لاستحضار الصورة والدلالة على الاستمرار وقرىء الظنون بغير ألف وهو القياس وزيادتها لمراعاة الفواصل كما تزاد فى القوافى (هُنالِكَ) ظرف زمان أو ظرف مكان لما بعده أى فى ذلك الزمان الهائل أو المكان الدحض (ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) أى عوملوا معاملة من يختبر فظهر المخلص من المنافق والراسخ من المتزلزل (وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) من الهول والفزع وقرىء بفتح الزاى (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) عطف على (إِذْ زاغَتِ) وصيغة المضارع لما مر من الدلالة على استمرار القول واستحضار صورته (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) * أى ضعف اعتقاد (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) من إعلاء الدين والظفر (إِلَّا غُرُوراً) أى وعد غرور وقيل قولا باطلا والقائل معتب بن قشير وأضرابه راضون به قال يعدنا محمد بفتح كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقا ما هذا إلا وعد غرور (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) هم أوس بن قيظى وأتباعه وقيل عبد الله بن أبى وأشياعه (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) هو اسم المدينة المطهرة وقيل اسم بقعة وقعت المدينة فى ناحية منها وقد نهى النبى صلىاللهعليهوسلم أن تسمى بها كراهة لها وقال هى طيبة أو طابة كأنهم ذكروها بذلك الاسم مخالفة* له صلىاللهعليهوسلم ونداؤهم إياهم بعنوان أهليتهم لها ترشيح لما بعده من الأمر بالرجوع إليها (لا مُقامَ لَكُمْ) لا موضع إقامة لكم أو لا إقامة لكم ههنا يريدون المعسكر وقرىء بفتح الميم أى لا قيام أولا موضع* قيام لكم (فَارْجِعُوا) أى إلى منازلكم بالمدينة مرادهم الأمر بالفرار لكنهم عبروا عنه بالرجوع ترويجا لمقالهم وإيذانا بأنه ليس من قبيل الفرار المذموم وقيل المعنى لا قيام لكم فى دين محمد صلىاللهعليهوسلم فارجعوا إلى ما كنتم عليه من الشرك أو فارجعوا عما بايعتموه عليه وأسلموه إلى أعدائه أولا مقام لكم فى يثرب* فارجعوا كفارا ليتسنى لكم المقام بها والأول هو الأنسب لما بعده فإن قوله تعالى (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ) معطوف على (قالَتْ) وصيغة المضارع لما مر من استحضار الصورة وهم بنو حارثة وبنو سلمة* استأذنوه صلىاللهعليهوسلم فى الرجوع ممتثلين بأمرهم وقوله تعالى (يَقُولُونَ) بدل من (يَسْتَأْذِنُ) أو حال من فاعله أو استئناف مبنى على السؤال عن كيفية الاستئذان (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) أى غير حصينة معرضة للعدو والسراق فأذن لنا حتى نحصنها ثم نرجع إلى العسكر والعورة فى الأصل الخلل أطلقت على المختل مبالغة وقد جوز أن تكون تخفيف عورة من عورت الدار إذا اختلت وقد قرىء بها والأول هو الأنسب بمقام الاعتذار كما يفصح عنه تصدير مقالهم بحرف التحقيق (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) والحال أنها ليست كذلك