إِنَّهُ لَحَقٌ (١) مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٢) هذا قسم منه تعالى أقسم فيه بنفسه على أن البعث والجزاء يوم القيامة حق ثابت واجب الوقوع كائن لا محالة إذا كنا لا نشك في نطقنا إذا نطقنا أن ما نقوله ونسمعه لا يمكن أن يكون غير ما نطقنا به وسمعناه فكذلك البعث الآخر واقع لا محالة.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان ما للمتقين من نعيم مقيم في الدار الآخرة.
٢ ـ بيان صفات المتقين من التهجد بالليل والاستغفار في آخره والانفاق في سبيل الله.
٣ ـ بيان أن في الأرض كما في الأنفس آيات أي دلائل وعلامات على قدرة الله على البعث والجزاء.
٤ ـ بيان أن في السماء رزق العباد (٣) فلا يطلب إلا من الله تعالى وأن ما نوعده من خير وشر أمره في السماء ومنها ينزل بأمره تعالى فليكن طلبنا الخير من الله دائما وتعوذنا من الشر بالله وحده.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠))
__________________
(١) (ما) في (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) مزيدة للتوكيد ، والمضارع (تَنْطِقُونَ) جيء به بدلا عن المصدر نطقكم لإفادته التشبيه بنطقهم المتجدد المحسوس لهم وتقدير الكلام أن ما توعدونه من البعث والجزاء لحق مثل نطقكم الذي لا تنكرونه إذ لا يوجد من ينكر نطقه أبدا.
(ما) في (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) مزيدة للتوكيد ، والمضارع (تَنْطِقُونَ) جيء به بدلا عن المصدر نطقكم الذي لا تنكرونه إذ لا يوجد من ينكر نطقه أبدا.
(٢) قيل : خص النطق من بين سائر الحواس : لأن ما سواه من الحواس يدخله التشبيه ، والنطق سليم من ذلك.
(٣) ذكر القرطبي عند تفسير هذه الآية قصة مأثورة عن الأصمعي خلاصتها : أن أعرابيا قال له : اقرأ عليّ من كلام الرحمن شيئا فقرأ عليه : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) ففهمها الأعرابي على حقيقتها فكسر قوسه ونحر بعيره فتصدق به وتاب إلى ربه ولقيه بعد سنة فطلب منه أن يسمعه من كلام الرحمن فقرأ عليه (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ.). الآية فأخذ الأعرابي رداءه وهو يقول : من يغضب الرحمن. وما زال يرددها حتى مات.