يعانون من الحاجة والاضطهاد والتعذيب أحيانا من طغاة قريش لا سيما المستضعفين كياسر وولده عمار وبلال وصهيب وخبيب ، وحتى الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم فهو لم يسلم من أذى المشركين فإذا عرفوا طبيعة الحياة وأن السعادة فيها أن يعلم المرء أن لا سعادة بها هان عليهم الأمر وقل قلقهم وخفت آلامهم. كما هو تنبيه للطغاة وإعلام لهم بما هم عنه غافلون لعلهم يصحون من سكرتهم بحب الدنيا وما فيها وقوله عزوجل (أَيَحْسَبُ) (١) الإنسان (أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) هذا الإنسان الذي قيل أنه أبو الأشدين الذي أنفق ماله في عداوة الرسول صلىاللهعليهوسلم والإسلام ويتبجح بذلك ويقول (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) كثيرا بعضه فوق بعض بلى إن الله تعالى قد رآه وعلم به وعلم القدر الذي أنفقه وسوف يحاسب عليه ويجزيه به ، ولن ينجيه اعتقاده الفاسد أنه لا بعث ولا جزاء قال تعالى مقررا له بقدرته ونعيمه عليه (أَلَمْ نَجْعَلْ (٢) لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٣) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٤) أي أعطيناه عينين يبصر بهما ولسانا ينطق به ويفصح عن مراده وزيناه بشفتين يستر بهما فمه وأسنانه ثم (هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي بينا له طريق الخير والشر والسعادة والشقاء بما أودعنا في فطرته وبما أرسلنا به رسلنا وأنزلنا به كتبنا أنسي هذا كله وتعامى عنه ثم هو ينفق ما اعطيناه في حرب رسولنا وديننا.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ شرف مكة وحرمتها وعلو شأن الرسول صلىاللهعليهوسلم وسمو مقامه وهو فيها وقد أحلها الله تعالى له ولم يحلها لأحد سواه.
٢ ـ شرف آدم وذريته الصالحين منهم.
٣ ـ اعلان حقيقة وهي أن الإنسان لا يبرح يعاني من أتعاب الحياة حتى الممات ثم يستقبل شدائد الآخرة إلى أن يقر قراره وينتهي تطوافه باستقراره في الجنة حيث يستريح نهائيا ، أو في النار فيعذب ويتعب أبدا.
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ
__________________
(١) الاستفهام إنكاري مشبع بالتوبيخ والتقريع.
(٢) (أَلَمْ نَجْعَلْ) الاستفهام تقريري وفيه معنى التوبيخ.
(٣) الشفتين واحدتها شفة وأصلها شفو فقلبت الواو هاء فصارت شفة وتجمع على شفاه.
(٤) النجد الأرض المرتفعة ارتفاعا دون الجبل ، والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر كما في التفسير.