تعالى على من ينفق في سبيله (فَسَنُيَسِّرُهُ (١) لِلْعُسْرى) أي فسنهيئه للخلة العسرى (٢) وهي العمل بما يكره الله تعالى ولا يرضاه من الذنوب والآثام ليكون ذلك قائده إلى النار. وقوله تعالى (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (٣) يخبر تعالى بأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى حفاظا على ماله وشحا به وبخلا أن ينفقه في سبيل ربه هذا المال لا يغني عنه شيئا يوم القيامة إذا ألقي به في نار جهنم فتردى ساقطا فيها على أم رأسه كما قال تعالى (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) أي لعدم الحسنات الكافية فيها (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان عظمة الله وقدرته وعلمه الموجبة لربوبيته المقتضية لعبادته وحده دون سواه.
٢ ـ تقرير القضاء والقدر وهو أن كل انسان ميسر لما خلق له من سعادة أو شقاء لحديث اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، مع تقرير أن من وفق للعمل بما يرضى الله تعالى كان ذلك دليلا على انه مكتوب سعيدا إذا مات على ما وفق له من العمل الصالح. وأن من وفق للعمل المسخط لله تعالى كان دليلا على انه مكتوب شقاوته إن هو مات على ذلك.
٣ ـ تقرير أن التوفيق للعمل بالطاعة يتوقف حسب سنة الله تعالى على رغبة العبد وطلبه ذلك والحرص عليه واختياره على غيره وتسخير النفس والجوارح له. كما أن التوفيق للعمل الفاسد قائم على ما ذكرنا في العمل الصالح وهو اختيار العبد وطلبه وحرصه وتسخير نفسه وجوارحه لذلك هذه سنة من سنن الله تعالى في خلقه.
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١))
__________________
(١) في قوله فسنيسره للعسرى تهكم به نحو فبشره بعذاب أليم.
(٢) حديث صحيح.
(٣) التردي السقوط من أعلى إلى أسفل المفضي بصاحبه إلى الهلاك.