تفاوت أرباب الصناعات في صناعتهم حاصل مع أنّ ذلك ليس بخارق ، ولا يعدّ معجزا.
والجواب قوله : «لا نسلّم أنّهم عجزوا عن المعارضة» قلنا : لا شيء أظهر في الدلالة على العجز من توفّر الدواعي إلى الفعل ثمّ لا يتيسّر ، وقد بينّا أنّ الحال كذلك.
قوله : «لم لا يجوز أن يكونوا تهاونوا بالمعارضة ظنّا منهم أنّ الاندفاع يحصل بدونه» قلنا : قد بان فساد ذلك الخيال لهم ثمّ لم يعارضوا.
قوله : «لم يتسّع لهم الوقت» قلنا : قد عرف أنّ التحدّي كان في مدّة النبوّة ، وهو ما ينيف عن عشرين سنة ، وذلك أوفر من المدّة التي يفتقر إليها للمعارضة.
قوله : «علموا أنّ المعارضة لا تغني فاقتصروا على الغاية» قلنا : من المعلوم عادة أنّ من أراد تهجين إنسان ودفعه عن مراده توصّل في ذلك بكلّ ممكن. ومن المعلوم أنّهم لو عارضوا لظهرت حجّتهم ، [و] حصلت لهم بذلك الغلبة الرافعة لمتمسّكه ، فكان ذلك أيسر في دحض دعواه وإفساد أمره. ومثل ذلك لا يعدل عند العاقل ، ولا يتجاوزه من يريد الاستظهار على الخصم. ووجه المصلحة العائدة في ذلك ظاهرة (٥٦) فلا يجوز أنّ يتّفق الكلّ ـ والحال هذه ـ على العدول عن المعارضة إلى المحاربة.
قوله : «لم لا يجوز أن تكون المعارضة حصلت ولم تنقل» قلنا : ذلك باطل من وجوه : أحدها : أنّه لو حصلت المعارضة لنقلت ، لأنّ الطباع متوفّرة
__________________
(٥٦) كذا.