لكنّا نجوّز أن يشتمل تقديم الفاضل على المفضول على وجه من وجوه القبح في وقت ما ، فيجب إذ ذاك تقديم المفضول دفعا لذلك القبح.
ثمّ ما ذكرتموه منقوض بالولاة والقضاة ، وبفعل النبيّ ـ عليهالسلام ـ فإنّه قدّم خالد بن الوليد على أبي بكر وعمر ، وزيد بن حارثة على جعفر بن أبي طالب ، واسامة على بقيّة المسلمين. (٣٤)
ثمّ نقول : ما المانع أن يكون الإمام مقدّما في علمه (٣٥) دون ما لم يعلمه.
ثمّ لو لزم أن يكون أعلم بالامور الشرعية من الرعيّة ، لوجب أن يكون أعلم بالصناعات والاروش وقيم المتلفات ، لحصول التنازع بين الناس في أحكام متعلّقة بذلك.
والجواب : قوله : لا نسلّم أنّ ما ذكرتموه هو الوجه المقتضي للقبح. قلنا : القبح معلوم ، ولا يقبح الفعل لجنسه ، والحكم موقوف على العلم بمقتضيه ، ولا نعلم وجها سوى ذلك ، فلو لم يكن هو الوجه المقتضي للقبح لزم أن لا
__________________
(٣٤) لمّا جهّز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه إلى مؤتة من أرض الشام أمر عليهم زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب. هذا هو المشهور. ولكن قال شيخنا التستري : هذا مجعول دفعا للطعن على أبي بكر وعمر في تأمير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم زيدا ذاك وابنه اسامة عليهما حتّى اعترضوا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك حتّى قام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خطيبا في بعث اسامة وقال : «طعنتم في تأميره كما طعنتم في أبيه وهما أهل لذلك» ، وإلّا فالأمير الأوّل في مؤتة هو جعفر كما يدلّ عليه أشعار كعب وحسّان وهما كانا مشاهدين للقضيّة ، قاموس الرجال ٢ / ٣٧٠.
وتأمير اسامة كان في أوان وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال : جهّزوا جيش اسامة ...
(٣٥) في ما علمه ، خ ل.