عقيدة
يجب أن يعلم أنّه تعالى قديم. إذ لو كان محدثا لافتقر إلى محدث ، وتسلسل العلل والمعلولات محال ، فلا بدّ من انتهاء الحوادث إلى قديم. فإذا عرف ذلك عرف استحالة أن يكون تعالى جسما أو عرضا أو حالّا في محلّ ، لأنّ كلّ متّصف بذلك حادث ، وقد وضح أنّه قديم.
وإذا تحقّق اتّصافه بالقدم ، وجب أن لا يشاركه فيه غيره ، إذ لو كان في الوجود قديمان لكان إن لم يتميّز (٣) أحدهما عن الآخر بأمر استحال التعدّد فيهما ، وإن تميّز (٤) أحدهما عن الآخر لزم أن يكون أحدهما مركّبا ممّا به الاشتراك وممّا به الامتياز ، والمركّب لا يكون قديما ، لأنّ القديم لا يكون موجودا إلّا بذاته ، والواجب الوجود لذاته يستحيل أن يكون مركّبا.
عقيدة
إذا عرف أنّه ليس بجسم ولا عرض ، عرف أنّه لا يجوز أن يرى ، لأنّه لو رئي في جهة فهو جسم أو عرض ، وإن رئي من غير مقابلة ولا في جهة كان ذلك غير معقول ، وإثباته جهالة.
ويدلّ على ذلك من القرآن قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
__________________
(٣) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : إن لم يتميّزا بتميّز.
(٤) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : وإن تميّزا بتميّز أحدهما عن الآخر.