ومقدّرة بمعنى أنّ منها الواجب والمندوب والمباح ، وأنّ الله سبحانه قدّرها ، بمعنى أنّه أعلمنا حاله ، أو ما فيها من ثواب وعقاب ، لا بمعنى أنّه خلقها. (٩٢)
وما ورد في القرآن من الهداية يحمل على الدلالة على طريق الحقّ كقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٩٣) وإمّا بمعنى الهداية إلى طريق الجنّة ، أو بمعنى تقوية الدواعي بفعل الألطاف. والضلال يحمل على العقاب ، أو على إبطال العمل كقوله تعالى : (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (٩٤) ، ولا يجوز تفسيره بفعل الضلال في العبد ، لأنّ ذلك ينافي الحكمة ، وينقض ما هو معلوم من كونه تعالى لا يفعل إلّا ما يريده ، وقد أخبر تعالى أنّه لا يريد الكفر ولا يرضاه (٩٥) ، ولا يريد الظلم في قوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٩٦).
__________________
(٩٢) قال الفاضل المقداد في اللوامع ١٣٨ : وقع الاتّفاق وتطابق النقل على كون الأفعال واقعة بقضاء الله وقدره ، ويستعملان في معان ثلاثة : الأوّل الخلق والايجاد ... الثاني أن يراد بالقضاء الحكم والايجاب ... الثالث أن يراد بالقضاء الاعلام والاخبار ... والقدر يراد به الكتابة والبيان. وهذا المعنى هو المراد أمّا القضاء : فلأنّه تعالى أعلمنا أحكام أفعالنا ، وأمّا القدر : فلأنّه تعالى بيّن أفعال العباد ، وكتبها في اللوح المحفوظ ، وبيّنها للملائكة ... وراجع كشف المراد ص ١٧٥ المسألة الثامنة في القضاء والقدر.
(٩٣) سورة فصلّت ، الآية : ١٧.
(٩٤) سورة محمد ، الآية : ٨.
(٩٥) قال تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) سورة الزمر ، الآية : ٧.
(٩٦) سورة غافر ، الآية : ٣١. وراجع كشف المراد ص ١٧٦ المسألة التاسعة في الهدى والضلالة ، اللوامع الإلهيّة ١٤٢.