ودعائهم إلى إبطال أمره لا سيما العرب ، فإنّ لهم من الحمية والأنفة ما ليس لغيرهم من الأمم.
وأما أنه لا صارف لهم عن ذلك ، فلأنه إن كان صارف دين ، فليس من الدين ترك المعارضة ؛ لأنها تميز الحق لهم من الباطل لا سيما وعندهم أنهم كانوا على الحق ، وإن كان صارف دنيا من رغبة أو رهبة فذلك باطل ؛ لأنه كان ـ عليهالسلام ـ فقيرا مضطهدا.
وأما أنهم كانوا يعلمون أن أمره ـ عليهالسلام ـ يبطل بالمعارضة ؛ فلأنه ـ عليهالسلام ـ قد كان يصرح بذلك ، ولأن كل عاقل يعلم أن كل من ادعى التميز على غيره لمكان أمر يأتي به فإن دعواه تبطل عند الإتيان بمثل ما أتى به.
وأما أنهم لو قدروا على المعارضة لفعلوها ؛ فلأنا نعلم بالضرورة أنّ من توفرت دواعيه إلى الشيء ، ولا صارف له عنه ، وغير ممنوع منه ، وهو قادر عليه فإنه يمنعه لا محالة حتى إن لم يفعله ، فإنه غير قادر عليه.
فإن قيل : إنهم اشتغلوا عن المعارضة بالقتال؟
قلنا : ليس أحد من العقلاء يؤثر الأمر الصعب على الأمر السهل ، (فلما عدلوا إلى المحاربة الشاقة الصعبة التي لا تدل على صحة صحيح ولا بطلان باطل ، دل ذلك على عجزهم عن معارضة القرآن فثبت) بتقرير هذه الأصول (أنه معجز دالّ على نبوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وهذا هو الأصل الثامن ، وذلك لحصول حقيقة المعجز فيه ، وهو كونه ناقضا لعادتهم في الفصاحة ومتعلقا بدعوى النبوة ، وبهذا التقرير تم الأصل الأول.
وأما الأصل الثاني : وهو أن كل من ظهر المعجز على يديه عقيب دعوى النبوة فهو نبي صادق ، وذلك لأن المعجز يجري مجرى التصديق بالقول لمن ظهر على يديه ،