وذكر الإمام المنصور بالله (١) أنه مأثور عن مائة رجل منهم العشرة ، وأن بعض أهل العلم أفرد له كتابا جعل طرقه مائة طريق وخمس طرق ، قال ولا يوجد خبر قط نقل بطرق مثل هذه الطرق.
وقد ذكره الترمذي في جامعه من رواته زيد بن أرقم (٢) وأحمد بن حنبل (٣) عن رواية البراء بدون الزيادة : «وانصر من نصره» ، وفيه فلقيه عمر وقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
قال أصحابنا : هذا الخبر متواتر ، وقال المنصور بالله في الشافي : وقد تجاوز هذا حد التواتر.
وأما الأصل الثاني : وهو أن المولى هنا السيد والرئيس ، فإنه أقرب إلى معنى ذلك من الولي ، وقد تقدم ما قلنا فيه ، ولو سلمنا أنه غير غالب فيما ذكر فقد حصل في الحال وللفظ قرائن تدل على أن المراد ما ذكرنا ، أما القرائن الحالية فهو أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم نزل يوم الغدير نزول مهم بأمر عظيم ، وليس إلا للإخبار بأنّ عليا ـ عليهالسلام ـ مولى لمن هو صلىاللهعليهوآلهوسلم مولاه ، وذلك إنما يكون إذا أراد الرئاسة وولاية التصرف ؛ لأن ما عدا هذا من المعاني مما يعلم بطلانه ، نحو كونه معتقا لمن أعتق ، وكونه ابن عم للناس ، ومنه ما هو داخل تحت ما ذكرنا من كونه ناصرا لهم ومودا ؛ لأن الأخبار بمثل ذلك لا تحتمل تعظيم الموقف والنزول في غير وقته وموضعه إن احتمل أن يدخل تحت كونه رئيسا لهم يلي التصرف ؛ لأن رئيس القوم أشد الناس عناية في نصرتهم ومودتهم ، وجلب النفع إليهم معروف عند أهل كل زمان.
__________________
(١) المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان.
(٢) هو زيد بن أرقم الخزرجي الأنصاري الصحابي ، غزى مع النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) سبع عشر غزوة ، وشهد صفين مع علي ـ عليهالسلام ـ ، ومات بالكوفة ، له في كتب الحديث ٧٠ حديثا.
(٣) أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، حافظ حجة إمام جليل عند أهل الحديث ، ثبت في روايته ، لا يتطرق إليه وهم في روايته ، روى عن أمم ، وروى عنه خلائق ، خرج له من أئمتنا المؤيد بالله وأبو طالب والمرشد بالله ـ عليهمالسلام ـ ، ومن غيرهم البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم.