وأما القرينة اللفظية : فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لما قرر ثبوت ولايته بقوله : «ألست أولى بكم من أنفسكم» والمراد وجوب طاعته على الأمة مطابقة لما أثبته الله من الولاية بقوله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الأحزاب : ٦] عقب ذلك بقوله : «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» أي من كنت أولى به فعلي أولى به ، ليتطابق الكلام وينخرط في سلك الانتظام ، (وإذا ثبت ذلك فهو صريح) على إمامته ـ عليهالسلام ـ بما ذكرنا.
وأما الأصل الثالث : وهو أن ذلك معنى الإمامة : فالذي يدل على ذلك أنا لا نعني بالإمامة إلا الرئاسة في هذه الأمور المخصوصة ، وهذا ظاهر.
(ومما يدل على ذلك) من السنة أيضا (ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال له : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي») (١) ووجه الاستدلال بهذا الخبر أنه أثبت لعلي ـ عليهالسلام ـ جميع منازل هارون من موسى إلا النبوة ، (ولا شك أن منازل هارون أنه خليفته على قومه) كما قال الله تعالى : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) [الأعراف : ١٤٢] وهذه الدلالة تنبني على أربعة أصول : أحدها : أن الخبر صحيح ، وثانيها : في أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت لعلي جميع المنازل إلا النبوة ، وثالثها : أن من جملة المنازل الخلافة ، ورابعها : أن ذلك هو معنى الإمامة.
أما الأصل الأول في صحته : فعليها دليلان : أحدهما : إجماع العترة الطاهرة ، والثاني : النقل الظاهر المشهور.
__________________
(١) قال مولانا وشيخنا أبو الحسين مجد الدين بن محمد ـ حفظه الله ـ في اللوامع (ج ١ ص ٩٨ وما بعدها) : وأما سائر الفرق فقال المنصور بالله عبد الله بن حمزة ـ عليهمالسلام ـ : فيه من الكتب المشهورة عند المخالفين أربعون إسنادا من غير رواية الشيعة وأهل البيت. انتهى.
وقال الحاكم : هذا حديث المنزلة الذي كان شيخنا أبو حازم الحافظ يقول : خرّجته بخمسة آلاف إسناد. انتهى.
ورواه ابن أبي شيبه ، ورواه في مسند أحمد بعشرة أسانيد ، ومسلم فوق سبع طرق ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحهما وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة والحاكم صاحب المستدرك والطبراني والخطيب والعقيلي والشيرازي وابن النجار.