قال المنصور بالله : فيه من الكتب المشهورة الصحيحة عند المخالفين أربعون إسنادا من غير رواية أهل البيت وغيرهم من الشيعة ، ثم قال بعد ذلك : والخبر مما علم ضرورة ، قال في العمدة (١) : واختلف علماؤنا ـ رحمهمالله ـ في العلم به ، فمنهم من ادعى كونه معلوما بالاضطرار ، وأجراه مجرى الخبر الأول في كونه متواترا ، ومنهم من قضى بصحته ، ولم يقض بكونه متواترا ، بل سلك في صحته طريقة الإجماع ، وهذا بعد الاتفاق على كونه معلوم الصحة ، قال في تعليق الشرح : والإجماع على صحته يقع به العلم بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قاله ، وإن لم يحصل من طريق التواتر.
قال الإمام عز الدين : قلت : وممن صرح بتواتره العلامة المحدث يوسف بن عبد البر (٢) ، فإنه ذكر الحديث في مختصره لسيرة ابن هشام (٣) ، قال : والآثار بذلك متواترة صحاح ، انتهى.
قلت : وممن صرح بتواتره ، والإجماع على صحته. الإمام الأعظم القاسم بن محمد ـ عليهالسلام ـ.
وأما الأصل الثاني : وهو أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت لعلي ـ عليهالسلام ـ جميع منازل هارون من موسى إلا النبوة : فذلك ينبني على أن لفظ المنزلة تقتضي الاستغراق ؛ إذ الاستثناء معيار العموم بدليل أنه لو قال : لا نبي بعدي ولا أحد يلي من الأمر ما وليت ، ولا يخلفني على أمتي لصح.
وأما الأصل الثالث : وهو أن من منازل هارون من موسى الخلافة : فإن منازل هارون من موسى كثيرة ، وهي موجودة في علي ـ عليهالسلام ـ منها الأخوة ، ومنها
__________________
(١) كتاب في أصول الدين للفقيه حميد الشهيد لا يزال مخطوطا.
(٢) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي ، أبو عمر من كبار حفاظ الحديث ، مؤرخ أديب بحاثة ، ورحل رحلات طويلة ، وتوفي بشاطبة عام ٤٦٣ ه من مؤلفاته : الاستيعاب.
(٣) هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري ، مؤرخ ، ولد ونشأ بالبصرة ، توفي بمصر عام ٢١٣ ه من مؤلفاته : السيرة النبوية.