وكذلك خبر المؤاخاة والأخبار الدالة على عصمته ، والخبر المروي في قصة : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] وهو ما رواه الحاكم (١) في التهذيب عن البراء بن عازب (٢) لما نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع بني عبد المطلب (٣) ، وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل يأكل المسنة ويشرب العس ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا فأتى برجل شاة ثم قال : «ادنوا بسم الله ، فدنى القوم عشرة عشرة فأكلوا وشبعوا ، ثم دعى بقعب من لبن فشرب منه ثم قال : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب ، وقال : هذا ما سحركم به الرجل يومئذ ولم يتكلم ، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم أنذرهم ودعاهم إلى الإيمان ، وقال : من يؤازرني ويؤاخيني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي؟ فسكت القوم ، فأعادها ثلاثا والقوم سكوت ، وعلي يقول كل مرة : أنا ، فقال في المرة الثالثة : أنت ، فقاموا يقولون لأبي
__________________
(١) الحاكم الجشمي : قال في الطبقات : المحسن بن محمد بن كرامة البيهقي الإمام الحاكم ، وجشم قرية من قرى خراسان ، حنفيا وكان معتزليا في الأصول ، وانتقل إلى مذهب الزيدية ، قال القاضي : هو الشيخ استاذ العلامة الزمخشري إلى قوله : كان إماما عالما مصنفا صادعا بالحق ، له جملة كتب منها : كتاب الإمامة على مذهب الزيدية ، وكتاب العيون وشرحه ، وتنزيه الأنبياء والأئمة ، وتنبيه الغافلين في فضائل الطالبيين ، والتأثير والمؤثر ، والانتصار لسادات المهاجرين والأنصار ، وتحكيم العقول في الأصول ، وله التفسير المبسوط بالفارسية ، والتفسير الموجز بالفارسية ، إلى أن قال : والسفينة المشهورة ، وتفسير القرآن المسمى بالتهذيب (تسعة أجزاء) إلى أن قال : إلى غير ذلك ، إلى نيف وأربعين مصنفا ، وله رسالة تسمى رسالة الشيخ أبي مرة إلى إخوانه المجبرة وكانت السبب في قتله ، وعمره إحدى وستون سنة ، وله كتاب جلاء الأبصار في الأخبار.
(٢) هو البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي أبو عمارة ، قائد صحابي من أصحاب الفتوح ، أسلم صغيرا وغزى مع النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ١٥ غزوة ، توفي عام ٧١ ه.
(٣) عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) مات وعمر النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ست سنوات عاشها في كنفه ، وكان يحب النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ويجله ، وله في مولده أشعار كثيرة رواها المرشد بالله في أماليه الاثنينية وغيره ، وأوصى بالنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إلى أبي طالب ، وشرف عبد المطلب في قومه وعظم خطره فيهم وولي السقاية والرفادة ، وله مناقب جمة ، وفي حديث أمالي أبي طالب أن عبد المطلب سن خمسا من السنن أجراها الله في الإسلام ... إلخ ، وفيها : أن عبد المطلب يبعث يوم القيامة أمة وحده ، قال : وكان لا يستقسم بالأزلام ولا يعبد الأصنام ، وقال : أنا على دين إبراهيم.