واختصاص كل نوع منها في سلوك خاص ، نحو التطور والتكامل ، يحتاج إلى نظام خاصّ به ، لا ينكره أيّ محقق متتبع ، ومن هذه النظرية البيّنة نستنتج موضوعين :
١ ـ أنه في جميع المراحل التي يطويها نوع من أنواع الكائنات الحية في العالم ، هناك اتصال وارتباط قائم بينها ، وكأنّ هناك قوة تسيّرها هذا المسير الخاص في كل مراحلها التطورية.
٢ ـ إن هذا الاتصال والارتباط يهدف في مرحلته الأخيرة إلى تكوين بني نوعه ، فكما أن البذرة عند ما توضع في التربة تهدف في طريقها منذ مراحلها الأولى إلى أن تنشأ شجرة ، وكذا النطفة في رحم الأمّ ، تهدف من مراحلها الأولية إلى أن تكون حيوانا متكاملا ، وللوصول إلى التكامل نراها تسلك نهجا خاصا في حياتها.
والقرآن العظيم في تعليماته يؤيد هذه الحركة وهذا الاندفاع ، كما أن أنواع الكائنات الحية في العالم تهتدي بهدى الله تعالى في طريق تكاملها وكمالها ، ويستدل بآيات من الذكر الحكيم في هذا الشأن كما في قوله تعالى :
(قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (١).
وفي سورة الأعلى ، الآية ٢ و ٣ يقول جلّ ذكره : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى).
وكذا يشير إلى النتائج التي ذكرت آنفا في سورة البقرة الآية ١٤٨ : يقول جلّ شأنه :
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها).
__________________
(١) سورة طه الآية ٥٠.