ومن هنا يتضح أن ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل ، ولا يكفي أن تكون الشريعة التي جاء بها النّبي توافق العقل ، فإن صحة الشريعة لها طريق آخر للإثبات ، وهو أنه على اتصال بالعلم العلوي (الوحي) والنبوة ، وقد أنيطت به هذه المسئولية من قبل الله تعالى ، وهذا الادعاء يحتاج إلى دليل عند إقامته.
لذا نجد أن البسطاء وذوي الفطرة السليمة من الناس (كما يخبرنا به القرآن الكريم) كانوا يطالبون الأنبياء بالمعجزة لصدق دعواهم.
ويستنتج من هذا المنطق أن الوحي الذي يدعيه المرسل ، لم يكن ليحصل عند سائر الناس ، بل لا بدّ من قوة غيبيّة يودعها الله تعالى في نبيّه بنحو يخرق به العادة.
ويتّضح أن مطالبة الناس الأنبياء بالمعجزة أمر يوافق المنطق الصحيح ، وعلى الأنبياء لإثبات نبوتهم أن يأتوا بالمعجزة إما ابتداءً أو وفقا لما يطالب به المجتمع.
والقرآن الكريم يؤيد هذا المنطق ، ويشير إلى معاجز الأنبياء إما ابتداءً أو بعد مطالبة الناس إياهم.
وتجدر الإشارة إلى أن علل وأسباب الحوادث التي حصلنا عليها حتى الآن كانت بالتجربة والفحص ، وليس لدينا أي دليل أنها دائمية ، ولن تتحقق أية حادثة أو ظاهرة إلّا بعللها وأسبابها ، وأما المعاجز التي تنسب إلى الأنبياء لم تكن مخالفة للعقل أو يستحيل إقامتها ، لكنها خرق للعادة في حين أن موضوع خرق العادة يرى ويسمع من أصحاب الرياضيات الروحية أيضا.