فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (١).
ويتّضح من سياق الآيات ، أن أوائلها تصف الخلقة المادية بشكلها التدريجي ، وأواخرها تشير إلى خلقة الروح أو الشعور والإرادة ؛ وتصفها بأنها خلقة أخرى ، تختلف عن خلقتها الأولى.
وفي آية أخرى في الردّ على من يستبعد «المعاد» أو ينكره يشرح القرآن الكريم كيف أن الإنسان تستعاد خلقته بعد موته وتفتت أجزائه ، وتمازجها مع أجزاء التربة ، ويرجع كما كان إنسانا كاملا ، يقول الله سبحانه وتعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٢). أي أن الأرواح تقبض على يد ملك الموت من أبدانكم ، وتحفظ عندنا.
ويعرّف القرآن الكريم الروح بصورتها المطلقة غير المادية ، بقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (٣). وفي آية أخرى من الذكر الحكيم ، يتطرق إلى موضوع الأمر بقوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤). وبمقتضى هذه الآيات أن أمر الله تعالى في خلقته للأشياء لم يكن تدريجا ، ولم يكن محددا بزمان أو مكان ، ولما كانت الروح أمرا من الله إذن فهي ليست بمادة ، ولم يكن في كنهها خاصة المادة التي تتصف بالتدرّج والزمان والمكان.
__________________
(١) سورة المؤمنون الآية ١٢ ـ ١٤.
(٢) سورة السجدة الآية ١١.
(٣) سورة الإسراء الآية ٨٥.
(٤) سورة يس الآية ٨٢.