ثانيا : كثيرا ما يحدث أن يرشد شخص أحدا بعمل حسن دون أن يلتزم هو بذلك العمل ، في حين أن الأنبياء والأئمة الأطهار ترتبط هدايتهم للبشر بالله جلّ وعلا ، ويستحيل أن يشاهد عندهم هذه الحالة ، وهو عدم الالتزام بالقول أو العمل به ، فهم العاملون بمبادىء الدين الذي هم قادته وأئمته وهم متّصفون بروح معنوية سامية ، يرشدون بها النّاس ، ويهدونهم إلى الطريق القويم.
فإذا أراد الله سبحانه أن يجعل هداية أمّة على يد فرد من أفرادها ، يربّي ذلك الفرد تربية صالحة تؤهّله للقيادة والإمامة ، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
مما تقدم نستطيع أن نحصل على النتائج التالية :
١ ـ إن النبي أو الإمام لكل أمّة ، يمتاز بسموّ روحي وحياة معنويّة رفيعة ، وهو يريد هداية الناس إلى هذه الحياة.
٢ ـ بما أنهم قادة وأئمة لجميع أفراد ذلك المجتمع ، فهم أفضل من سواهم.
٣ ـ إن الذي يصبح قائدا للأمة بأمر من الله تعالى ، فهو قائد للحياة الظاهرية والحياة المعنوية معا ، وما يتعلّق بهما من أعمال ، تسير مع سيره ونهجه (١).
__________________
ـ له رسول الله ، لكل شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري فكأني أنظر إلى عرش ربّي وقد وضع للحساب وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء أهل النار في النار ، فقال رسول الله عبد نوّر الله قلبه الوافي الجزء الثالث صفحة ٣٣.
(١) (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ...) سورة الأنبياء الآية ٧٣.
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) سورة السجدة الآية ٢٤.
ويستفاد من الآيات المتقدمة وما شابهها ، أن الإمام فضلا عن الإرشاد والهداية ـ