يوم التاسع عشر من رمضان المبارك لسنة ٤٠ للهجرة ، واستشهد في اليوم الواحد والعشرين من الشهر نفسه (١).
والتاريخ يشهد أن عليا أمير المؤمنين عليهالسلام لم تكن تنقصه صفة من الكمالات الإنسانية ، ويؤيد هذا الادعاء كل عدو وصديق. فكان مثلا رائعا في الفضائل والمثل الإسلامية ، ونموذجا حيا كامل لتربية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن الكتب التي تناولت هذه الشخصية الفذّة سواء لدى الشيعة أو السنة وغيرهم من المحققين ، لم تتناول أية شخصية أخرى بهذا القدر في الحياة البشرية.
كان علي ـ عليهالسلام ـ أعلم الصحابة ، بل أعلم المسلمين ، وهو أول من فتح باب الاستدلال الحرّ في المسائل العلمية ، واستعان بالبحوث الفلسفيّة في المعارف الإلهية ، وتكلم عن باطن القرآن ، ووضع قواعد اللغة العربية حفاظا على ألفاظ القرآن الحكيم ، وكان أفصح العرب بيانا ، وأبلغهم خطابا (كما أشرنا في الفصل الأول من الكتاب) وكان يضرب به المثل في شجاعته ، ولم يدع للقلق أو الخوف طريقا إلى قلبه ، في تلك الغزوات والحروب التي مارسها واشترك فيها.
والتاريخ الإسلامي لا يزال يحمل في طياته خبر الصحابة والمقاتلين في الغزوات ، وقد انتابهم الفزع والخوف ، وقد تكررت هذه الحالة في أكثر من واقعة ، كحرب «حنين» و «خيبر» و
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ج ٣ : ٣١٢ / الفصول المهمة ص ١١٣. تذكرة الخواص ص ١٧٢ ـ ١٨٣.