مضطهدا. فمعاوية قد استخدم شتى الطرق والوسائل لتصفية أهل البيت ، وكان يستعين بأعوان وأنصار له في تحقق هذا الأمر. فحاول طمس اسم علي وآل علي. ومهّد السبل لخلافة ابنه يزيد ، فهيّأ المقدمات اللازمة التي لا بدّ من اتخاذها لتشريع حكمه ، وإن كانت هناك فئة معارضة لما شاهدوه من فجور يزيد وفسقه. إلا أنهم لم يسلموا من غضب معاوية وسخطه ، فوجّه إليهم الضربات قاصمة.
فالحسين عاصر هذه الظروف الحالكة ، وتحمّل كلّ الأذى من قبل معاوية وأتباعه ، حتى جاء منتصف سنة ستين للهجرة ، التي مات فيها معاوية ، مخلفا ابنه يزيد (١).
كانت البيعة سنّة عربية تجري في الأمور الهامة كالملوكية والإمارة وما شابه ، فيتقدم السادة وكبار القوم بمدّ يد البيعة والطاعة للملك أو الأمير ، وكان يعتبر التخلّف عن البيعة عارا ، وتخلّفا عن معاهدة رسمية ، والبيعة كانت معتبرة في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسيرته تؤيد ذلك ، هذا إذا كانت تتصف بصفة الاختيار دون الإجبار والإكراه.
لقد أخذ معاوية البيعة من شرفاء القوم ورؤسائهم ، إلا أنه لم يتعرض للحسين عليهالسلام ، ولم يحمّله بيعة يزيد ، وقد أوصى يزيد بعدم التعرض للحسين بن علي ، إذا امتنع من البيعة له ، فكان معاوية أكثر حنكا في الأمور ، وكان يرى العقبات التي تترتب على هذا الأمر
__________________
(١) إرشاد المفيد ١٨٢ / تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ٢٢٦ ـ ٢٢٨ / الفصول المهمة ١٦٣.