يزيد ، وقد أمر الوالي بعد قتلهم ، أن تربط أرجلهم بالحبال ، ويدار بها في شوارع الكوفة وأزقتها (١).
فكانت الكوفة وضواحيها ، تحت مراقبة شديدة من قبل الأعداء ، تنتظر قدوم الحسين ، والإشارات دالة على قتله لا محالة. وهنا أعلن الحسين عليهالسلام مصرحا بنبإ قتله دون تردد ، واستمر في سيره (٢).
حوصر الحسين عليهالسلام ومن معه من قبل الجيش الأموي ، على مسافة سبعين كيلومترا من مدينة الكوفة ، في منطقة تسمى (كربلاء). فكانت تضيّق دائرة الحصار على هؤلاء ، ويزداد الجيش الأموي عددا وعدة ، وآل الأمر إلى أن استقر الإمام مع القلة من أصحابه تحت الحصار من قبل ثلاثين ألفا من الأعداء (٣).
حاول الإمام في هذه الأيام ، أن يثبت أنصاره ، فأخرج من جنده من أخرج ، وأمر بأن يجتمع الأصحاب ، فاجتمعوا ، فقال الإمام عليهالسلام في خطاب بهم ، أن القوم لم يريدوا إلا قتلي ، وأنا رافع بيعتي عنكم ، فمن أراد منكم الفرار ، فليتخذ الليل له سترا ، وينجي بنفسه من الفاجعة الموحشة التي تتربص بنا.
فأمر بإطفاء الأنوار ، وتفرق جمع كثير ممن كان معه ، من الذين لم تكن أهدافهم سوى المادة والقضايا المادية ، ولم يبق معه إلا روّاد الحقّ ومتبعو الحقيقة ، وهم ما يقارب من أربعين شخصا ، وعدد
__________________
(١) إرشاد المفيد ٢٠٤ / الفصول المهمة ١٧٠ / مقاتل الطالبيين الطبعة الثانية ص ٧٣.
(٢) إرشاد المفيد ٢٠٥ / الفصول المهمة ١٧١ / مقاتل الطالبين ص ٧٣.
(٣) مناقب ابن شهرآشوب ج ٤ : ٩٨.