وحتى ذلك الوقت كانت سياسة بني العباس بالنسبة إلى السادة العلويين سياسة قاسية ، يلازمها القتل والإبادة ، وكانت تزداد شدة وعنفا ، وبين فترة وأخرى كان يثور ثائر من العلويين ، ويقوم بالحروب الدامية ، وهذا ما كان يحدث اضطرابا ومشاكل للدولة والخلافة آنذاك.
ومع أن أئمة الشيعة من أهل البيت ، لم يكونوا على اتصال بالثائرين ، لكن الشيعة مع قلة عددهم في ذلك اليوم كانوا يعتبرون الأئمة هم الهداة إلى الدّين ومفترضي الطاعة والخلفاء الحقيقيين للنبي الأكرم عليهالسلام ، وكانوا ينظرون إلى الدولة والخلافة العباسية أنها تمتاز بما كان يمتاز به كسرى وقيصر وأنها تساس بيد فئة لا صلة لها بالإسلام. وأن هذه الأجهزة التي تسوس البلاد بعيدة كل البعد عما يتصف به زعماؤهم الدينيون ، هذا ما كان يشكل خطرا على الخلافة ، ويهدّدها بالسقوط والزوال.
فكر المأمون في هذه المشاكل والفتن ، ورأى أن يبدي سياسة جديدة ، بعد أن كانت سياسة أسلافه طوال سبعين سنة سياسة عقيمة لا جدوى منها. فأظهر سياسته الخادعة بأن يجعل الإمام الثامن ولي عهد له ، وبهذه الطريقة سوف يقضي على كل فتنة ومشكلة ، والسادة من العلويين إذا وجدوا أن لهم مقاما في الدولة فإنهم لن يحاولوا الثورة أو القيام ضدّه ، والشيعة أيضا عند ما يشاهدون تقرّب إمامهم من الخلافة التي طالما كانوا يعتبرونها رجسا ويعتبرون القائمين بأمور الخلافة فاسقين ، عندئذ سيتركون ذلك التقدير والاحترام المعنوي لأئمتهم الذين هم من