لم يوفق لإعادة الأوضاع المضطربة إلى حالتها الطبيعية ، إلا أنه قد وفق في ثلاث مسائل أساسية :
أ ـ استطاع أن يظهر شخصية النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم المضيئة بسيرته العادلة للناس ، وخاصة الشباب ، فقد كان يواسي أفقر الناس في عيشه ، أمام تلك الأبهة التي كان يتصف بها معاوية ، إذ كان لا يقل عن كسرى وقيصر ، فالإمام علي عليهالسلام لم يقدّم أحدا من أصدقائه وأقربائه وعشيرته على الآخرين ، ولم يرجع الغني على الفقير ، ولا القوي على الضعيف.
ب ـ مع كثرة المشاكل المنهكة للقوى ، فقد استطاع أن يضع في متناول أيدي المسلمين الذخائر القيّمة من المعارف الإلهية والعلوم الإسلامية الحقّة.
وأما ما يقوله المخالفون لعلي عليهالسلام : إنه كان رجلا شجاعا ، ولكن ليس له علم بالسياسة ، إذ كان يستطيع في بداية خلافته أن يرضي مخالفيه مؤقتا عن طريق المداهنة ، وبعد أن يستتب له الأمر كان باستطاعته أن يحاربهم ويقضي عليهم :
فهؤلاء قد غفلوا عن ملاحظة هامة وهي أن خلافة عليّ كانت نهضة ثورية ، وجدير بالنهضات ، الثورية ، أن تكون بعيدة كل البعد عن المداهنة والرياء ، وقد حدث مثيلها في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوائل بعثته ، فطلب الكفار والمشركون منه الصلح عدة مرات وطلبوا منه ألا يتعرض لآلهتهم ، وهم ملزمون بعدم التعرض لدعوته أيضا ، ولكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رفض هذا الاقتراح ، في حين أنه كان يستطيع أن يقيم معهم الصلح ، ويحكم موقفه ، ثم ينهض بوجه