ولكن معاوية لم يستقر ويهدأ لهذا الأمر ، فجهّز جيشه واتّجه به إلى العراق مقرّ الخلافة ، معلنا الحرب على الحسن بن علي عليهالسلام.
أفسد معاوية رأي أصحاب الحسن عليهالسلام بمختلف الطرق والدسائس ، ومنح الأموال الطائلة لهم وأجبر الإمام الحسن عليهالسلام على الصلح معه ، وصيّر الخلافة إليه ، بشرط أن تكون للإمام الحسن عليهالسلام بعد وفاته ، وألّا يتعرض إلى شيعته (١).
استولى معاوية على الخلافة (سنة ٤٠ للهجرة) ، فاتجه إلى العراق ، فخطب فيهم قائلا : «يا أهل الكوفة. أترونني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج!. وقد علمت أنكم تصلون وتزكّون وتحجّون ، ولكني قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أتاني الله ذلك ، وأنتم كارهون» (٢).
وقال أيضا : «ألا أنّ كلّ دم أصيب في هذه مطلول ، وكل شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين» (٣).
ومعاوية بكلماته هذه يشير إلى أنه يريد أن يفصل السياسة عن الدين ، فهو لا يريد إلزام أحد بأحكام الدين ، وإنما كان اهتمامه بالحكومة فحسب ، واستحكام مقوماتها ، وبديهي أن مثل هذه الحكومة ملكية وليست خلافة واستخلافا لمنصب الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد حضر البعض مجلسه ، فسلموا عليه بسلام
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٩٠ وسائر كتب التاريخ.
(٢) ابن أبي الحديد ج ٤ : ١٦٠ / الطبري ج ٤ : ١٢٤ / ابن الأثير. ج ٣ : ٢٠٣.
(٣) المصادر السابقة.