من الطبيعي أن الشيعة كانوا يختلفون اختلافا أساسيا مع أكثرية أهل السنة حول مسألتين ، الخلافة الإسلامية ، والمرجعيّة الدينية ، وهم عانوا أياما قاسية في تلك المرحلة المظلمة. فكان الظلم والجور من قبل الحكام ، والمظلومية والتقوى والورع الذي كان يتصف به أئمة أهل البيت عليهالسلام يجعلهم أكثر رسوخا في عقائدهم ، وخاصة بعد استشهاد الحسين عليهالسلام الإمام الثالث للشيعة ، مما ساعد على انتشار الفكر الشيعي في المناطق البعيدة عن مركز الخلافة مثل العراق واليمن وإيران.
ومما يشهد على صحة هذا الادعاء ، ما حدث في زمن الإمام الخامس للشيعة ، والقرن الأول الهجري لمّا يكتمل بعد ، حيث توجّه الشيعة من جميع الأقطار الإسلامية إلى الإمام الخامس واهتموا بأخذ الحديث والمعارف الإسلامية منه (١).
وفي أواخر القرن الأول الهجري ، قام جماعة من الأمراء ، بإنشاء مدينة قم في إيران (٢) ، وأسكنوا فيها الشيعة ، ولكن الشيعة حسب أوامر أئمتهم لم يظهروا عقيدتهم ، التزاما بمبدإ التقيّة ، ولطالما نهض رجال من السادة العلويين إثر كثرة الضغوط التي كانت تظهر من قبل الحكام الجائرين ، ولكن قيامهم هذا كان عاقبته الفشل والقتل. وقدموا في سبيل عقيدتهم ونهضتهم هذه المزيد من النفوس ولم تبال الحكومة بإبادتهم والقضاء عليهم.
__________________
(١) يراجع مبحث معرفة الإمام في هذا الكتاب.
(٢) معجم البلدان كلمة (قم).