وفيه ذكر «الظِّهَار» في غير موضع. يقال : ظَاهَرَ الرجل من امرأته ظِهَاراً. وتَظَهَّرَ ، وتَظَاهَرَ إذا قال لها : أنت عَلَيَّ كظَهْرِ أمي. وكان في الجاهلية طلاقا. وقيل : إنّهم أرادوا : أنت عليَّ كبطن أمي : أي كجماعها ، فكنوا بالظَّهْر عن البطن للمجاورة. وقيل : إنّ إتيان المرأة وظَهْرُها إلى السماء كان حراما عندهم. وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول ، فلقصد الرّجل المطلّق منهم إلى التّغليظ في تحريم امرأته عليه شبّهها بالظَّهْر ، ثم لم يقنع بذلك حتى جعلها كظَهْرِ أمّه. وإنما عدّي الظِّهَار بمن ، لأنهم كانوا إذا ظَاهَرُوا المرأة تجنّبوها كما يتجنبون المطلّقة ويحترزون منها ، فكأنّ قوله : ظَاهَرَ من امرأته : أي بعد واحترز منها ، كما قيل : آلَى من امرأته ، لمّا ضمّن معنى التباعد عدّي بمن.
(ه) وفيه ذكر «قريش الظَّوَاهِر» وهم الذين نزلوا بظُهُور جبال مكة. والظَّوَاهِر : أشراف الأرض. وقريش البطاح ، وهم الذين نزلوا بطاح مكة.
(ه) ومنه كتاب عمر إلى أبي عبيدة رضياللهعنهما «فَاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إليها» يعنى إلى أرض ذكرها : أي اخرج بهم إلى ظَاهِرِها.
(ه) وفي حديث عائشة رضياللهعنها «كان صلىاللهعليهوسلم يصلّي العصر ولم تَظْهَرِ الشمس بعد من حجرتها» أي لم ترتفع ولم تخرج إلى ظَهْرِها.
(ه) ومنه حديث ابن الزبير «لما قيل : يا ابن ذات النّطاقين تمثّل بقول أبي ذؤيب.
وتلك شكاة ظَاهِرٌ عنك عارها (١)
يقال : ظَهَرَ عنّي هذا العيب ، إذا ارتفع عنك ، ولم ينلك منه شيء. أراد أنّ نطاقها لا يغضّ منه فيعيّر به ، ولكنّه يرفع منه ويزيده نبلا.
(ه) وفيه «خير الصّدقة ما كان عن ظَهْرِ غنى» أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى. وقيل : أراد ما فضل عن العيال. والظَّهْر قد يزاد فى مثل هذا إشباعا للكلام وتمكينا ، كأنّ صدقته مستندة إلى ظَهْرٍ قوىّ من المال.
__________________
(١) انظر تعليقنا ص ٤٩٧ من الجزء الثانى.