يأخذه أهل الجاهليّة مقيما على دينه فاقتلوه ، لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلما وأخذه مستحلّا وتاركا فرض الله وهو ربع العُشْر. فأما من يَعْشُرُهم على ما فرض الله تعالى فحسن جميل ، قد عَشَرَ جماعة من الصحابة للنبي صلىاللهعليهوسلم وللخلفاء بعده ، فيجوز أن يسمّى آخذ ذلك عَاشِرا ، لإضافة ما يأخذه إلى العُشْر ، كربع العُشْر ، ونصف العُشْر ، كيف وهو يأخذ العُشْر جميعه ، وهو زكاة ما سقته السماء. وعُشْر أموال أهل الذمة في التّجارات. يقال : عَشَرْت ماله أَعْشُرُه عُشْراً فأنا عَاشِر ، وعَشَّرْته فأنا مُعَشِّر وعَشَّار إذا أخذت عُشْرَه. وما ورد في الحديث من عقوبة العَشَّار فمحمول على التأويل المذكور.
(س) ومنه الحديث «ليس على المسلمين عُشُورٌ ، إنما العُشُور على اليهود والنصارى» العُشُور : جمع عُشْر ، يعنى ما كان من أموالهم للتجارات دون الصدقات. والذي يلزمهم من ذلك عند الشافعي ما صولحوا عليه وقت العهد ، فإن لم يصالحوا على شيء فلا يلزمهم إلا الجزية.
وقال أبو حنيفة : إن أخذوا من المسلمين إذا دخلوا بلادهم للتّجارة أخذنا منهم إذا دخلوا بلادنا للّتجارة.
(س) ومنه الحديث «احمدوا الله إذ رفع عنكم العُشُورَ» يعنى ما كانت الملوك تأخذه منهم.
(س) وفيه «إنّ وفد ثقيف اشترطوا أن لا يحشروا ولا يُعْشَرُوا ولا يحبّوا» أي لا يؤخذ عُشْرُ أموالهم. وقيل : أرادوا به الصّدقة الواجبة ، وإنّما فسّح لهم في تركها لأنّها لم تكن واجبة يومئذ عليهم ، إنما تجب بتمام الحول.
وسئل جابر عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليهم ولا جهاد ، فقال : علم أنّهم سيتصدّقون ويجاهدون إذا أسلموا.
فأما حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذكر له شرائع الإسلام فقال : «أمّا اثنان منها فلا أطيقهما ، أمّا الصّدقة فإنّما لي ذود ، هنّ رسل أهلي وحمولتهم ، وأمّا الجهاد فأخاف إذا حضرت خشعت نفسي. فكفّ يده وقال : لا صدقة ولا جهاد فبم تدخل الجنّة؟» فلم يحتمل لبشير ما احتمل لثقيف.