صلىاللهعليهوسلم فأمر لهم بنصف العَقْل» إنما أمر لهم بالنّصف بعد علمه بإسلامهم ، لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار ، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره ، فتسقط حصّة جنايته من الدّية.
(ه) وفي حديث أبي بكر «لو منعوني عِقَالاً ممّا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقاتلتهم عليه» أراد بالعِقَال : الحبل الذي يَعْقِلُ به البعير الذي كان يؤخذ في الصّدقة ، لأنّ على صاحبها التّسليم. وإنّما يقع القبض بالرّباط.
وقيل : أراد ما يساوي عِقَالاً من حقوق الصّدقة.
وقيل : إذا أخذ المصدّق أعيان الإبل قيل : أخذ عِقَالاً ، وإذا أخذ أثمانها قيل : أخذ نقدا.
وقيل : أراد بالعِقَال صدقة العام. يقال : أخذ المصدّق عِقَال هذا العام : أي أخذ منهم صدقته. وبعث فلان على عِقَال بني فلان : إذا بعث على صدقاتهم. واختاره أبو عبيد ، وقال هو أشبه عندي بالمعنى.
وقال الخطّابي : إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقلّ لا بالأكثر ، وليس بسائر في لسانهم أنّ العِقَال صدقة عام ، وفي أكثر الروايات «لو منعوني عناقا» وفي أخرى «جديا».
قلت : قد جاء في الحديث ما يدل على القولين.
فمن الأوّل حديث عمر «أنّه كان يأخذ مع كلّ فريضة عِقَالاً ورواء ، فإذا جاءت إلى المدينة باعها ثم تصدّق بها».
وحديث محمد بن مسلمة «أنّه كان يعمل على الصّدقة في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكان يأمر الرجل إذا جاء بفريضتين أن يأتي بعِقَالَيْهِما وقِرَانَيْهِما».
ومن الثاني حديث عمر «أنّه أخّر الصّدقة عام الرّمادة ، فلمّا أحيا الناس بعث عامله فقال : اعْقِلْ عنهم عِقَالَيْن فاقسم فيهم عِقَالاً وأتني بالآخر» يريد صدقة عامين.
وفي حديث معاوية «أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم ، فقال ابن العدّاء الكلبي :