ومنه الحديث «من قتل في عِمِّيَّا في رمي يكون بينهم فهو خطأ» وفي رواية «في عِمِّيَّة في رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة فهو خطأ» العِمِّيَّا بالكسر والتشديد والقصر : فعّيلى ، من العَمَى ، كالرِّمِّيَّا ، من الرّمي ، والخصّيصى ، من التّخصيص ، وهي مصادر. والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يَعْمَى أمره ولا يتبيّن قاتله ، فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدّية.
ومنه الحديث الآخر «ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما (١) في عَمْيَاء في غير ضغينة» أي في غير جهالة من غير حقد وعداوة. والعَمْيَاء : تأنيث الأَعْمَى ، يريد بها الضّلالة والجهالة.
(ه) ومنه الحديث «تعوّذوا بالله من الأَعْمَيَيْنِ» هما السّيل والحريق ، لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره ، أو لأنّهما إذا حدثا ووقعا لا يبقيان موضعا ولا يتجنّبان شيئا ، كالأَعْمَى الذي لا يدري أين يسلك ، فهو يمشي حيث أدّته رجله.
(ه) ومنه حديث سلمان «سئل ما يحلّ لنا من ذمّتنا؟ فقال : من عَمَاك إلى هداك» أي إذا ضللت طريقا أخذت منهم رجلا حتى يقفك على الطريق. وإنما رخّص سلمان في ذلك ، لأنّ أهل الذّمة كانوا صولحوا على ذلك وشرط عليهم ، فأمّا إذا لم يشرط فلا يجوز إلّا بالأجرة.
وقوله «من ذمّتنا» : أي من أهل ذمّتنا.
(س) وفيه «إن لنا المَعَامِيَ» يريد الأرض المجهولة الأغفال التي ليس فيها أثر عمارة ، واحدها : مَعْمًى ، وهو موضع العَمَى ، كالمجهل.
وفي حديث أم معبد «تسفهوا عَمَايَتَهم» العَمَايَة : الضلالة ، وهي فعالة من العَمَى.
(ه) وفيه «أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظّهيرة صكّة عُمَيٍ» يريد أشدّ الهاجرة. يقال : لقيته صكّة عُمَيٍ : أي نصف النهار في شدّة الحرّ ، ولا يقال إلّا في القيظ ، لأنّ الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس. وقد تقدّم مبسوطا في حرف الصاد.
(ه) وفي حديث أبي ذرّ «أنه كان يغير على الصِّرم في عَمَايَة الصّبح» أي في بقيّة ظلمة اللّيل.
__________________
(١) انظر الحاشية ٢ ، ص ٩١ من هذا الجزء.