(ه) وحديث أبي موسى ومعاذ «أمّا أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقاً» يعنى قراءة القرآن : أي لا أقرأ وردي منه دفعة واحدة ، ولكن أقرؤه شيئا بعد شيء في ليلي ونهاري ، مأخوذ من فُوَاق الناقة ، لأنها تحلب ثم تراح حتى تدرّ ثم تحلب.
ومنه حديث عليّ «إنّ بني أميّة ليُفَوِّقُونَنِي تراث محمد تَفْوِيقاً» أي يعطوني من المال قليلا قليلا.
وفي حديث أبي بكر في كتاب الزكاة «من سئل فَوْقَها فلا يعطه» أي لا يعطى الزيادة المطلوبة.
وقيل : لا يعطيه شيئا من الزكاة أصلا ، لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائنا ، وإذا ظهرت خيانته سقطت طاعته.
وفيه «حبّب إليَّ الجمال حتى ما أحبّ أن يَفُوقَنِي أحد بشراك نعل» فُقْتُ فلانا أَفُوقُه : أي صرت خيرا منه وأعلى وأشرف ، كأنك صرت فَوْقَه في المرتبة.
ومنه «الشيء الفَائِق» وهو الجيّد الخالص في نوعه.
ومنه حديث حنين :
فما كان حصن ولا حابس |
|
يَفُوقَان مرداس في مجمع |
وفي حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت أخفضهم (١) صوتا ، وأعلاهم فُوقاً» أي أكثرهم نصيبا وحظّا من الدين ، وهو مستعار من فُوقِ السّهم ، وهو موضع الوتر منه.
(ه) ومنه حديث ابن مسعود «اجتمعنا فأمّرنا عثمان ، ولم نأل عن خيرنا ذا فُوقٍ» أي ولينا أعلانا سهما ذا فُوقٍ ، أراد خيرنا وأكملنا ، تامّا في الإسلام والسابقة والفضل.
ومنه حديث عليّ «ومن رمى بكم فقد رمى بِأَفْوَقَ ناصلٍ» أي رمى بسهم منكسر الفُوق لا نصل فيه.
وقد تكرر ذكر «الفُوق» في الحديث.
وفيه «وكانوا أهل بيت فَاقَةٍ» الفَاقَة : الحاجة والفقر.
__________________
(١) فى الأصل : «أحفظهم» بالحاء المهملة والظاء المعجمة ، والمثبت من ا ، واللسان.