وقلبي كذا ، ودماغي كذا [وأذني كذا وسمعي كذا ، وبصري كذا وكذا (١)] وكل من نازع في صحة هذه الإضافة فقد نازع في أظهر العلوم وأكملها وأجلاها.
وأما المقام الثالث : وهو أن هذا يدل على أن النفس غير البدن ، وغير كل واحد من هذه الأعضاء :
فالدليل عليه : إن هذه الإضافة صحيحة بمقتضى القرآن ، والخبر ، وبمقتضى بديهة العقل. وأما إضافة الشيء إلى نفسه فإنها باطلة بمقتضى بديهة العقل. ويلزم من مجموع هاتين المقدمتين : أن الشيء الذي أضيفت كل هذه الأعضاء إليه ، إضافة الملكية ، يكون مغايرا لها ، وذلك يقتضي أن تكون النفس مغايرة للبدن ومغايرة لجميع أعضائه وأقسامه.
فإن قيل : فهذا أيضا وارد عليكم ، لأنه يصح (٢) أن يقال : روحي ونفسي وذاتي وحقيقتي ، وهذا يقتضي أن تكون [نفسه (٣)] مغايرة لنفسه ، وأن تكون ذاته مغايرة لذاته. وإنه محال.
والجواب : أما قوله : «نفسي» : فهذا يقتضي حصول التغاير بين المضاف والمضاف إليه ، فحملنا المضاف على البدن ، وحملنا المضاف إليه على تلك الذات المخصوصة ، المشار إليها بقوله : «أنا» وحينئذ تصح هذه الإضافة.
وأما قوله : «روحي» فيحمل الروح على هذه البخارات المخصوصة ، إما في القلب، وإما في الدماغ. وحينئذ تصح الإضافة ، وأما قوله : «ذاتي وحقيقتي» فنقول : لا شك أن الذوات والحقائق متشاركة بأسرها في كونها ذوات وحقائق ، ومتخالفة بكون كل واحدة منها تلك الحقيقة المخصوصة ، وما به
__________________
(١) سقط (م) ، (ط).
(٢) لا يصح (م).
(٣) سقط (ل).