على مقاومة القلب. فحينئذ يكثر الطيش والغضب.
وأما إذا كانت الرأس كبيرة ، والبدن صغيرا ، فحينئذ يكون كبر تلك الرأس ، بسبب الرطوبات الفصلية ، وهذا الإنسان يكون قليل الفهم ضعيف القلب ، مختل الأفعال.
فهذه الوجوه الأربعة هي الأسباب المزاجية الموجبة لاختلاف حال النفوس في كيفية الإدراكات.
وأما القسم الثاني وهو القوة الحيوانية القلبية : فاعلم أنه كما حصل في الدماغ بطون ثلاثة [فكذلك حصل في القلب بطون ثلاثة (١)] فالبطن الأيسر منه يتولد فيه أجسام لطيفة روحانية ، تسري في الشريانات ، إلى أقاصي البدن ، وتلك الأرواح تفيد الأعضاء قوة الحياة ، والحرارة الغريزية. وبهذه القوة يحصل الفرح والغم والغضب.
وإذا عرفت هذا فنقول : هذه الحرارة. إن كانت قوية حصل التهور ، وإن كانت ناقصة حصل الجبن ، وإن كانت معتدلة حصلت الشجاعة التي هي الصفة المحمودة ، وهكذا القول في النشاط والكسل ، والسرعة والإبطاء في الأفعال والأقوال.
واعلم : أن هذه القوة حاصلة للسباع ، إلا أنها خالية عن القوة النطقية المانعة ، فلا جرم إذا حصلت هذه الأحوال للسباع ، أقدمت على الفعل بأقصى الوجوه. أما الإنسان فله العقل الوازع من مقتضيات الطبيعة.
وإذا عرفت هذا ، فنقول : إنه إذا كان القلب والدماغ معتدلين ، حصلت هذه الأفعال على أصوب الوجوه وأحسنها ، خالية عن الزيادة والنقصان. وإن كانا غير معتدلين. فإن كان ذلك لأجل استيلاء الحر عليهما : عظم الطيش والشطط ، وإن كان بسبب استيلاء البرد عليهما عظم الجبن والخوف وقلّت الحمية. وأما إن كان القلب قوي الحرارة ، وكان الدماغ
__________________
(١) سقط (م).